×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

والله تَحَدَّى المشركين، فِي أن آلهتهم الَّتِي يَعبدونها من دون الله لا تَملك كَشْفَ الضُّرِّ ولا تَحْوِيلَهُ عَنْهُم، إِنَّمَا هَذَا لله سبحانه وتعالى، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ [الإِسْرَاء: 56]، وَهُوَ إزالته، ﴿وَلَا تَحۡوِيلًا [الإِسْرَاء: 56]؛ يَعْنِي: نَقْلَهُ من مَكَان إِلَى مَكَان، أو من عُضْو إِلَى عُضْو، أو من إِنْسَان إِلَى إِنْسَان، فَلاَ يَنقل المرضَ إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى، ثُمَّ قَالَ: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ [الإِسْرَاء: 57]؛ أي: أولئك الَّذِينَ يَعبدهم المُشْرِكُونَ، وهم: عيسى، وعزير، وغيرهم من الأَنْبِيَاء والأولياء والصالحين هُم عِباد الله، مُحْتَاجُونَ لله، ﴿يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ [الإِسْرَاء: 57] فعيسى وعزير والملائكة وكل مخلوق محتاج إِلَى الله، يَدْعون الله، يَبتغون إِلَيْهِ الوَسِيلَة، يَعْنِي القُرْبَ مِنْهُ سبحانه وتعالى، فالذي يُقرِّب إِلَى الله هُوَ التَّوْحِيد وَالعِبَادَة، والقُبُورِيُّونَ يَقُولُونَ: الوَسِيلَة أن تَجعل بينك وبين الله واسطة، تَتوسل إِلَيْهِ بها، وَهَذَا بَاطِل لأن الوَسِيلَة هِيَ العِبَادَة والطاعة، سُمِّيت وسيلة؛ لأَِنَّهَا تُقرِّب إِلَى الله عز وجل، وَلَيْسَ الَّذِي يُقرِّب إِلَى الله الأَشْخَاص، والشفعاء، والأولياء والصالحين، فالذي يُقرِّب إِلَى الله هُوَ الطَّاعَة وَالعِبَادَة، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ [المَائِدَة: 35]؛ يَعْنِي: القُرْبَ مِنْهُ سبحانه وتعالى بطاعته.

قَوْله تَعَالَى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم [الإِسْرَاء: 56]، فهم زَعَمُوا أن هَؤُلاَءِ هُم الَّذِينَ يجيبون دُعَاءَهُم وحوائجهم، وَهَذَا زَعمٌ بَاطِل لا حَقِيقَة لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ


الشرح