ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الكتاب: «وَعبَادَة الله
وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ هِيَ أصل الدّين، وَهُوَ التَّوْحِيد الَّذِي بَعَثَ
اللهُ به الرُّسُلَ، وأَنزَلَ الله به الكُتُبَ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ
بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النَّحْل: 36]،
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن
قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ
أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأَنْبِيَاء: 25].
وَكَانَ صلى الله
عليه وسلم يُحقِّق التَّوْحِيد ويُعلِّمه أُمَّتَه حَتَّى قَالَ رَجُل: «مَا شَاءَ
اللهُ وَشِئْتَ»، قَالَ: «أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدًّا؟، قُلْ: مَا شَاءَ اللهُ
وَحْدَهُ» ([1])
****
عَنكُمۡ وَلَا
تَحۡوِيلًا ٥٦أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ
أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ٥٧﴾
[الإِسْرَاء: 56- 57]؛ أي: الَّذِينَ يَدْعُوهم المُشْرِكُونَ، وهم عزير، وعيسى،
والأولياء والصالحين، حَتَّى الملائكة هُم بِحَاجَة إِلَى الله، ﴿يَبۡتَغُونَ
إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ
وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا﴾ [الإِسْرَاء: 57]، فهم يَرْجُون الله ويخافونه، فهُم
بِحَاجَة إِلَى الله عز وجل، وهم رسل وأنبياء وصالحون؛ كلهم عباد الله يَرجُون
رَحمَتَه ويخافون عَذَابه.
قَوْله: «ثُمَّ قَالَ»؛ أي: الإِمَام ابْن تيمية رحمه الله.
وفي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النَّحْل: 36] دَلِيل عَلَى أن جَمِيع الأَنْبِيَاء الَّذِينَ بُعِثُوا إِلَى الأُمَم كلهم يأمرون بِعبَادَة الله وتَرْكِ عبَادَة ما سواه، ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ فلم يقل: اعبدوا الله فَقَط بل قَالَ: ﴿وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ لأن العِبَادَة لا تَنفع مَعَ الشِّرْك.
([1]) أخرجه: النسائي في «الكبرى» رقم (10758)، وأحمد رقم (1839).