×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

·       فالشرك الأَصْغَر عَلَى قِسْمَيْنِ:

الأَوَّل: شرك عَلَى اللسان، وَهُوَ شرك ظَاهِر، مِثْل الحَلِف بِغَيْر الله، وَقَوْل: لولا الله وأنتَ، ما لي إلاَّ الله وأنتَ... إِلَى آخِرِهِ.

الثَّانِي: شرك خفي، وَهُوَ ما يَكُون فِي القلوب، وَهُوَ أَخْفَى من دبيب النملة السَّوْدَاء عَلَى صفاة سوداء فِي ظُلْمَة اللَّيْل، وَهُوَ شرك الرِّيَاء.

قَوْله: «هَذَا من الله ومنكَ، وأنا بالله وبكَ، وَمَا لي إلاَّ الله وأنتَ»؛ يَعْنِي: إِذا كَانَ العطف عَلَى الله بالواو فَهُوَ شرك؛ لأنه جَمَعَ بَين الله وبين المخلوق فِي الفِعْل؛ لأن الواو تَقْتَضِي المُشَارَكَة فِي هَذِهِ الأَلْفَاظ وَغَيرهَا، وَالصَّوَاب أن تقول: ما شَاءَ الله ثُمَّ شئتَ، تَجعل مشيئة المخَلُوق بعد مشيئة الله، فـ «ثُمَّ» للترتيب، ما لي إلاَّ الله ثُمَّ أَنْتَ، لولا الله ثُمَّ أَنْتَ، فيأتي بـ «ثُمَّ»؛ لأَِنَّهَا تأتي للترتيب، والتعقيب، فتجعل المخلوق بعد الخَالِق سبحانه وتعالى، ولا تجعله مشاركًا لَهُ.

قَوْله: «وأنا متوكِّلٌ عَلَى الله وعليكَ»؛ لأن التَّوَكُّل عبَادَة، فَلاَ تتوكل عَلَى أَحَد، لا تتوكل إلاَّ عَلَى الله، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [المَائِدَة: 23].

قَوْله: «ولولا أَنْت لَمْ يَكُن كَذَا وَكَذَا»؛ لأنه جعل المخلوق مُنْفَرِدًا فِي حُصُول الشَّيْء.

قَوْله: «وَقَد يَكُون هَذَا شركًا أَكْبَر بِحَسَبِ حَال قائله ومقصده»؛ أي: قَد يترقى الشِّرْك الأَصْغَر إِلَى الشِّرْك الأَكْبَر بِحَسَبِ نية القائل، فَإِذَا كَانَ يُعظِّم المخلوق مِثْل ما يُعظِّم الله فَهَذَا شِرْك أَكْبَر، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ:


الشرح