×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ومن ذَلِكَ: ما فِي «الصَّحِيحَيْنِ» وغيرهما: عَن زَيْد بْن خَالِد الجُهَنِيِّ قَالَ: صَلَّى بنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟»، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ؛ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» ([1])، ولا يَخْفَى عَلَى عارفٍ أن العِلَّة فِي الحُكْم بالكفر هِيَ ما فِي ذَلِكَ من إيهام المُشَارَكَة

****

  قَوْله: «ومن ذلك»؛ أي: ومن ذَلِكَ التحذير من التنجيم، وَهُوَ الاِعْتِقَاد بالنجوم وأنها تؤثِّر فِي إنزال المطر، وحدوث الحَوَادِث فِي الأَرْض، فالتنجيم هُوَ الاِعْتِقَاد فِي النجوم، يَقُول شَيْخ الإِسْلاَم ابْن تيمية رحمه الله: «التنجيم: هُوَ الاِسْتِدْلاَل عَلَى الحَوَادِث الأرْضيَّة بالأحوال الْفَلَكيَّة»، يَقُولُونَ: إِذا طَلَعَ النَّجْم الفلاني يَنزِل المطر، إِذا طَلَعَ النَّجْم الفلاني يَمُوت أَحَد، أو يُولَد أَحَد، يُسَمُّونَهُ سُوءَ الطَّالِع، أو حُسْنَ الطَّالِع، وَهَذَا كله من عبارات الجَاهِلِيَّة، فالطالع أو الغَارِب لَيْسَ لَهُ أمرٌ، بل هِيَ نجوم مُسخَّرة لمصَالِح البشر وَهِيَ مخلوقةٌ، فَلَيْسَ للطوالع أي تأثير فِي الكون، فالتنجيم بِهَذَا المَعْنى كفرٌ بالله عز وجل؛ لأنه ادِّعاءٌ لِمُشارَكة الله عز وجل فِي تدبيره وخَلقِه وأمرِهِ سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (846)، ومسلم رقم (71).