وهؤلاء القُبُورِيُّونَ قَد جَعَلُوا بَعْضَ خَلقِ
الله شريكًا لَهُ، ومِثْلاً ونِدًّا، فاستغاثوا به فِيمَا لا يستغاث فيه إلاَّ
بالله، وطَلبُوا مِنْهُ ما لا يُطلَب إلاَّ من الله مَعَ القَصْد والإرادة.
****
قَوْله: «وهؤلاء القُبُورِيُّونَ قَد جَعَلُوا بَعْضَ خَلقِ الله شَريكًا لَهُ
ومِثلاً ونِدًّا»، القُبُورِيُّونَ: نسبةً إِلَى القبور؛ لأَِنَّهُم يَعبُدون
أَصْحَابَهَا ويَعبُدون الأَمْوَاتَ المقبورِين فِيهَا؛ لَكِن العُقُول تَنتَكِس
-وَالعِيَاذُ بالله-؛ لأن الأَمْوَات أمواتٌ رميمٌ ترابٌ كيف يَعبُدونهم مِن دون
الله؟!
فالقُبُورِيُّونَ
هُم الَّذِينَ يَعبُدُون المقبورِينَ بأنواعٍ من العِبَادَات، مِنْهَا:
الاستِغَاثَة
بهم، والميت لا يَقدِر عَلَى شَيْءٍ، أَمَّا فِي الحَيَاة فهناك أَشْيَاءُ يَقدِر
عَلَيْهَا المخلوقُ، فيستغاث به فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَمَا لا يَقدِرُ
عَلَيْهِ لا يستغاث به، أَمَّا المَيِّت فَلاَ يَقدِر عَلَى شَيْءٍ.
والاستِغَاثَة
نوعان:
نوعٌ
فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ المخلوقُ الحَيُّ، وَهَذَا
جَائِزٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي
مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾ [القَصَص:
15].
ونوعٌ
لاَ يَجُوزُ وَهُوَ ما لا يَقدِرُ عَلَيْهِ إلاَّ اللهُ.
هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحَيِّ، أَمَّا المَيِّت فَلاَ يَقدِر عَلَى شَيْءٍ
إطلاقًا؛ فَلاَ يستغاث به.
قَوْله:
«شَرِيكًا لَهُ وَمِثْلاً وَنِدًّا»
النِّدُّ هُوَ الشَّبِيهُ والمَثِيلُ.
قَوْله:
«فاستغاثوا به فِيمَا لا يستغاث فيه إلاَّ
بالله» لا يستغاث بالميت مُطْلَقًا؛ لأنه لا يَقدِر عَلَى شَيْء، أَمَّا
الحَيُّ فيستغاث به فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
الصفحة 1 / 327