ومِن ذَلِكَ ما أَخْرجَهُ النَّسَائِيُّ بسندٍ
جَيِّد عَن عَبْد اللهِ بْن الشِّخِّير رضي الله عنه قَالَ: انطَلَقتُ فِي وفد بني
عامر إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا، قَالَ:
«السَّيِّدُ اللهُ سبحانه وتعالى »، قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا وَأَعْظَمُنَا طُولاً،
قَالَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ وَلاَ يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ
الشَّيْطَانُ» ([1])، وفي رِوَايَة:
«لاَ يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدُ
اللهِ وَرَسُولُهُ وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي
الَّذِي أَنْزَلَنِي اللهُ» ([2]).
****
والإعانة،
وَأَمَّا ما لا يَقدِرُ عَلَيْهِ فَلاَ يُطلَب مِنْهُ، أَمَّا المَيِّت فَلاَ
يُطلَب مِنْهُ شَيْءٌ؛ لأنه لا يَقدِر عَلَى شَيْءٍ.
قَوْله: «ومِن ذَلِكَ» أي من أنواع الوسائل الَّتِي تُفضِي إِلَى الشِّرْك:
شدة المدح، لأَِنَّهَا تفضي إِلَى الشِّرْك، خصوصًا إِذا كَانَ المدح بحضور
الممدوح وفي وَجهِه، فَلاَ يَجُوزُ المدح والإطراء، وَلاَ يَجُوز مَدْحُ
الإِنْسَان بحضوره وفي وَجهِهِ؛ لأن هَذَا قَد يُطغِيهِ فَهُوَ وسيلة من وسائل
الشِّرْك.
قَوْله: «فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا، قَالَ: «السَّيِّدُ اللهُ سبحانه وتعالى »» لأَِنَّهُم واجَهُوه بالمدح فخَشِيَ عَلَيْهِمْ من الغُلُوِّ، فَسَدَّ الطَّرِيقَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: «السَّيِّدُ اللهُ»، والسيد: مَعْنَاه المَالِك المتصرِّف، فَلاَ يُطلَق إلاَّ عَلَى الله جل وعلا، وَأَمَّا أَنْ يُقَالَ: سَيِّد العَبْد، أو سَيِّد بني فلانٍ، بِمَعْنَى أنه رئيسهم وزعيمهم فَهُوَ سَيِّدُهُم، فَهَذَا مضافٌ غير مُطلَقٍ، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4808)، وأحمد رقم (13529)، وابن حبان رقم (6240).
الصفحة 2 / 327