إِذْ لَيْسَ الشِّرْك هُوَ مُجَرَّد إطلاق بَعْض
الأَسْمَاء عَلَى بَعْض المسمَّيات، بل الشِّرْك هُوَ أن يَفْعَل لغير الله
شَيْئًا يَخْتَصُّ به سُبْحَانَهُ، سَوَاء أَطلَقَ عَلَى ذَلِكَ الغَيْر ما كَانَ
تُطلِقُه عَلَيْهِ الجَاهِلِيَّةُ، أو أَطلَقَ عَلَيْهِ اسمًا آخَرَ، فَلاَ اعتبار
بِالاِسْمِ قَطُّ، ومَن لَم يَعرِف هَذَا فَهُوَ جاهلٌ لا يَستحق أن يُخَاطَب بما
يُخَاطَب به أهلُ العِلْم.
****
فَالعِبَادَة حَقٌّ لله عز وجل، فَلاَ يَجُوزُ
أن يُشرَك مَعَهُ غَيْرُهُ، فَهِيَ من خصائص الله عز وجل، لا يَستحقها أَحَدٌ غير
الله.
قَوْله:
«بل الحُكْم واحد إِذا حَصَلَ لمن يَعتقد
فِي الولي والقبر ما كَانَ يَحصل لمن كَانَ يَعتقد فِي الصَّنَم والوثن»؛ أي:
العَقِيدَة وَاحِدَة، بَين من كَانَ يَعتقد فِي الصَّنَم، ومن يَعتقد فِي القبر،
هِيَ سَوَاء، إِذا كَانَ يَعتقد أن القبر أو صاحب القبر يَضر ويَنفع، وأنه يُجيب
الدُّعَاء ويُذبَح لَهُ ويُنذَر لَهُ، فَهُوَ كمن فَعَلَ هَذَا مَعَ الصَّنَم، لا
فَرْقَ.
قَوْله: «إِذ لَيْسَ الشِّرْك هُوَ مُجَرَّد إطلاق بَعْض الأَسْمَاء عَلَى بَعْض
المسمَّيات»: كَأَنْ يَقُولُونَ: الشِّرْك عبَادَة الأَصْنَام، فَهَذَا تفسير
قاصرٌ؛ لأن الشِّرْك عبَادَة غير الله سَوَاء كَانَت من الأَصْنَام أو غير
الأَصْنَام، أَمَّا تفسير الشِّرْك بأنه عبَادَة الأَصْنَام فَقَط، فَهَذَا تفسير
بَاطِل.
قَوْله: «بل الشِّرْك هُوَ أن يَفْعَل لغير الله شَيْئًا يَخْتَصُّ به سُبْحَانَهُ»؛ أي: الشِّرْك عامٌّ فِي كل ما يُجعل أو يُصرف لغير الله من العِبَادَات، فكله شركٌ، ولا يَخْتَصّ بِنَوْع مُعَيَّن من العِبَادَات أَبَدًا، فكل أنواع العِبَادَة لله عز وجل، فَلاَ يُقَال: هَذَا لله وَهَذَا لغير الله.
الصفحة 1 / 327