×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وَكَذَلِكَ النحر للأموات عبَادَة لَهُم، وَالنَّذْر لَهُم بجزءٍ من المَال عبَادَة لَهُم، وَالتَّعْظِيم عبَادَة لَهُم، كَمَا أَنَّ النحر لِلنُّسُك وَإِخْرَاج صَدَقَة المَال والخضوع، والاستكانة عبَادَةٌ لله عز وجل بلا خِلاَفٍ.

****

 أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي [غَافِر: 60]؛ أي: عَن دُعَائي، فَسَمَّى الدُّعَاءَ عبَادَةً، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» فأَعظَم أنواع العِبَادَة هُوَ الدُّعَاء، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي فَسَمَّى الدُّعَاءَ عبَادَةً، وفي الآيَة الأُخْرَى سَمَّاهُ دِينًا، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ [غَافِر: 14]؛ أي: مُخلِصِين لَهُ الدُّعَاءَ، فَسَمَّى الدُّعَاءَ دِينًا.

قَوْله: «ثُمَّ قرأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الآيَة المَذْكُورَة»، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غَافِر: 60]. فَسَمَّاهُ عبَادَةً.

 قَوْله: «وَكَذَلِكَ النحر للأموات عبَادَة لَهُم»؛ أي عبَادَة للأموات كَمَا أَنَّ دُعَاء الله عبَادَة لَهُ، وَكَذَا من أنواع عِبَادَتهم: الذَّبْح لَهُم والنحر لَهُم، كما هُوَ مُشاهَد عِنْدَ عُبَّاد القبور؛ حَيْثُ يأتون بالأنعام - وَقَد تَكُون كَثِيرَة - وينحرونها عِنْدَ الضريح، وعند المشهد.

قَوْله: «وَالنَّذْر لَهُم بجزء من المَال عبَادَة لَهُم» فهم يَنذرون فِي أموالهم وفي عقاراتهم نذورًا للأموات، وَالنَّذْر عبَادَة قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوۡ نَذَرۡتُم مِّن نَّذۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُهُۥۗ [البَقَرَة: 270].

قَوْله: «وَالتَّعْظِيم عبَادَة لَهُم»؛ أي للأموات؛ فَالتَّعْظِيم الزَّائِد والغلو فِيهِم عبَادَة؛ لأن التَّعْظِيم حَقٌّ لله سبحانه وتعالى.


الشرح