وَرُبَّمَا يُهوِّلون عَلَى الزَّائِر لِذَلِكَ
المَيِّت بتهويلات، ويُجَمِّلون قبره بما يَعظُم في عين الواصلين إِلَيْهِ،
ويوقدون فِي المشهد الشموع، ويوقدون فيه الطِّيب، ويجعلون لزيارته مواسم
مَخْصُوصَة يتجمع فِيهَا الجمع الجم، فيُبهَر الزَّائِر ويَرى ما يَملأ عَيْنَه
وسَمْعَه من ضجيج الخلق، وازدحامهم وتكالبهم عَلَى القُرْب مِن المَيِّت، والتمسح
بِأَحْجَار قبره وأعواده، والاستِغَاثَة به، والالتجاء إِلَيْهِ، وسؤاله قَضَاء
الحَاجَات ونجاح الطلبات، مَعَ خضوعهم واستكانتهم، وتقريبهم إِلَيْهِ نفائس
الأَمْوَال ونَحرِهم أَصْنَاف النحائر.
****
قَوْله: «ويُجمِّلون قبره بما يَعظُم فِي عين الواصلين إِلَيْهِ»؛ أي: ربما
يُجمِّلون القبر بالزخارف، والستائر والبخور والمصابيح الكهربائية؛ ليتأثر
الزَّائِر من هَذَا الضريح الَّذِي عَلَيْهِ هَذِهِ الأُمُور، وهذه الزخرفات، وهذه
البنايات، فيأخذه الإعجاب بِهَذَا المظهر، فيقول: ما عُمِل مَعَهُ كَذَا إلاَّ لأن
لَهُ شأنًا، فيَغتَرّ بِهَذَا، وَهَذَا وَاقِع الأَضْرِحَة؛ يُجَمِّلونها
ويُزيِّنونها ويُزَخرِفونها ويَعمَلون لها تهاويل تُغرِّر بالعوام والجهلة.
قَوْله:
«ويوقِدون فيه الطِّيب» من أَفخَر
أنواع البخُور.
قَوْله:
«ويَجعلون لزيارته مواسم مَخْصُوصَة»؛
أي: ويَجعلون لَهُ مواعيد، أَنْت تأتي يَوْم كَذَا، وأنت يَوْم كَذَا، وَهَذَا من
بَاب التَّرْغِيب، وأن هَذَا الشَّيْء لا يُنال إلاَّ بترتيب.
قَوْله:
«وازدحامهم وتكالبهم عَلَى القرب من
المَيِّت» فيَغْتَر بشيئين:
الأَوَّل:
بِكَثْرَة الزائرين وضجيجهم، الثَّانِي: بما يَرى من الزخرفات والزينة،
وَالأَشْيَاء الهائلة.
الصفحة 1 / 327