ولا يخفاك أنه قد ثَبَتَ التَّوسُّل به صلى الله
عليه وسلم في حياته، وثَبَتَ التَّوسُّل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعًا
سُكوتِيًّا؛ لعدم إنكار أَحَدٍ منهم على عُمَرَ رضي الله عنه في التَّوسُّلِ
بالعباس رضي الله عنه.
وعندي: أنه لا
وَجْهَ لتخصيص جواز التَّوسُّل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما زَعَمَهُ الشيخُ
عِزُّ الدِّين بن عبد السلام؛ لأمرين:
الأول: ما
عَرَّفناكَ به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
والثاني: أن
التَّوسُّل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق تَوَسُّلٌ بأعمالهم
الصَّالحة، ومزاياهم الفاضلة؛
****
فقوله:
«أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ
بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ»؛ يعني:
كانوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يَطلُبُون منه الدُّعَاءَ، بحيث يَدْعُو
ويَدْعُون معه.
قوله:
«وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ
فِي مِثْلِ هَذَا شَافِعًا وَدَاعِيًا لَهُمْ»؛ أي: في حياته عليه الصلاة
والسلام.
قوله: «وَلاَ يَخْفَاكَ»؛ أي: لا يخفاك أن الواقع أنهم كانوا يَتوَسَّلُون
بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته بدعائه، يَستَغِيث لهم ويَدْعُو لهم وهم
يُؤَمِّنُون، وبعد موته استَغَاثُوا بغيره وهو عَمُّهُ العباس رضي الله عنه
فَدَعَا لهم، مثلما كانوا يَستَغِيثُون بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، فاستجاب
الله لهم، فالاستِغَاثَة بِطَلَبِ الدُّعَاء من الصالحين الحاضرين لا بأس بها.
قوله:
«ثَبَتَ التَّوَسُّلُ بِهِ صلى الله عليه
وسلم فِي حَيَاتِهِ وَثَبَتَ التَّوَسُّلُ بِغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ»؛ أي:
بعمه العباس رضي الله عنه.
الصفحة 1 / 327