من
هَذِهِ الأُمُور هُوَ الشِّرْك الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ الجَاهِلِيَّة، ويُبيِّن
لَهُم أن الشِّرْك لَيْسَ هُوَ باعتبارهم، أو باصطلاحهم، أو بما يقوله لَهُم أهل
الضَّلاَل، فالشرك هُوَ عبَادَة غير الله بِأَيّ نوع من أنواع العِبَادَة، وأنتم
تَعبُدون غير الله، فأنتم مُشرِكون.
قَوْله: «وَأَخَذَ عَلَى النَّبِيِّين أن يُبَلِّغُوا عِبادَه أَنَّهُم لا يُؤمِنون حَتَّى يُخلِصوا لَهُ التَّوْحِيد، ويَعبُدوه وَحْدَه»، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ﴾ [الأَنْبِيَاء: 25]؛ أي: جَمِيع الرُّسُل، ﴿إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأَنْبِيَاء: 25] هَذَا الَّذِي عَهِدَ اللهُ به لِلأَْنْبِيَاءِ، وعَهِدَ به لأَتْبَاع الأَنْبِيَاء أن يُبَلِّغُوا النَّاسَ أن «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» جل وعلا، وأن العِبَادَة لا تَصلُح إلاَّ لَهُ، وأن صَرْفَها لغيره شِرْكٌ أَكْبَرُ، يُبَيِّنُون لِلنَّاسِ هَذَا، قَد يُقَال: لا يَقبَلون مِنَّا! فنقول: لَيْسَ عَلَيْك أَنَّهُم يَقبَلُون بل عَلَيْك أن تُبَلِّغَ ﴿إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ﴾ [الشُّورَى: 48]، أي: إِذا بَلَّغْتَهم وعَلِمُوا أن ما هُم فيه شركٌ لا يَبقَى فيه شكٌّ وَلَمْ يَقبَلُوا بعد البَيَان «فالسيف هُوَ الحُكْم العَدْل كما نَطَقَ به الكتابُ المُبِين، وسُنَّة سَيِّدِ المُرْسَلِينَ فِي إِخْوَانهم» من «المشركين»، قَالَ تَعَالَى: ﴿قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ﴾ [التَّوْبَة: 29]، وَقَالَ: ﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ﴾ [التَّوْبَة: 5] فأَمَرَ اللهُ بِقِتَال المشركين بعد الدَّعْوَة، فالدعوة أولاً، ثُمَّ إِذَا لَمْ يَقبلوا فَلاَ بُدَّ من القِتَال تَحْتَ رايةٍ