·
التَّوسُّل
إلى الله جل وعلا: منه شيءٌ ممنوعٌ، ومنه شيءٌ جائزٌ، وهو أنواعٌ:
أولاً:
التَّوسُّل إلى الله بأسمائه وصفاته، فهذا جائزٌ، قال
تعالى: ﴿وَلِلَّهِ
ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ
فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ﴾ [الأعراف:
180]، تقول: يا رحمن ارحَمْنِي، يا غفور اغفِرْ لِي، يا رزَّاقُ ارزُقنِي؛
تَتوَسَّل إليه بأسمائه سبحانه وتعالى لقوله تعالى: ﴿فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ﴾
[الأعراف: 180]، وأيوبُ عليه السلام قال: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ﴾ [الأنبياء: 83]، فتَوسَّلَ إلى الله برحمته؛ لأنه
أَرحَمُ الرَّاحِمِين، فالله جل وعلا استجابَ له، فالتَّوسُّلُ إلى الله بأسمائه
وصفاته مَشروعٌ، بل هو مطلوبٌ ومُرغَّبٌ فيه.
ثانيًا: التَّوسُّل إلى الله بالأعمال الصَّالحة التي أَسلَفَهَا العبدُ، بأن يكون له أعمالٌ صالحةٌ وَوَقَعَ في حاجةٍ أو في شِدَّةٍ فيَتوَسَّل إلى الله بما سَبَقَ له مِن الأعمال الصَّالحة، وهذا جائزٌ أيضًا، بدليل حديثِ أصحاب الغار ([1]) الذين انطَبَقَت عليهم الصخرةُ فسَدَّت عليهم الغارَ، فقالوا: «إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ»، فتَوسَّلَ الأولُ إلى الله بِبِرِّهِ بوالدَيْه، والثاني تَوَسَّلَ إلى الله بِحِفظِهِ لأجرةِ الأجيرِ حتى جاء وأَخَذَهَا، والثالثُ تَوسَّلَ إلى الله بِعِفَّتِهِ عَنِ الزِّنَا، فلمَّا تَمَكَّنَ مِن المرأة التي كان يُرِيدُها ويُراوِدُها، ولَم يَبْقَ إلاَّ مُواقَعَةُ الفاحشة وقد جَلَسَ بَيْنَ رِجلَيْهَا، قالتْ: «لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إلاَّ بِحَقِّهِ»، فقام الرَّجُلُ وتَرَكَهَا وتَرَكَ ما أعطاها مِن الدَّراهِمِ، وتَابَ إلى اللهِ، عند
الصفحة 1 / 327