﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ﴾ [الأَعْرَاف: 59]، ﴿فَإِيَّٰيَ
فَٱعۡبُدُونِ﴾ [العَنْكَبُوت: 56].
وَإِخْلاَص
التَّوْحِيد لا يَتِم إلاَّ بأن يَكُون الدُّعَاء كله لله، والنداء والاستِغَاثَة
والرجاء واستجلاب الخَيْر، واستدفاع الشَّرّ لَهُ، ومنه لا لغيره ولا من غَيره،
****
قَوْله: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ﴾ [الأَعْرَاف: 59]، نفيٌ وَإِثْبَاتٌ، نفيٌ للألوهية عَن
غير الله وإثباتها لله جل وعلا.
قَوْله:
﴿فَإِيَّٰيَ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [العَنْكَبُوت: 56]. قَالَ الله جل وعلا: ﴿فَإِيَّٰيَ﴾ قَدَّمَ المَعْمُولَ «إِيَّايَ»؛ فتقديم المَعْمُول عَلَى العَامِل يُفِيدُ الحَصْرَ، ﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾
[الفَاتِحَة: 5].
قَوْله: «وَإِخْلاَص التَّوْحِيد»؛ أي: تصفيته من جَمِيع أنواع الشِّرْك: الأَكْبَر والأصغر، ولا يَقبَل الله إلاَّ التَّوْحِيد الخَالِص، وَأَمَّا التَّوْحِيد الَّذِي يخالطه شركٌ فَهَذَا لا يُقبَل عِنْدَ الله عز وجل؛ لأنه لا يُسَمَّى توحيدًا، وإن سَمَّاهُ النَّاس بِذَلِكَ؛ لأن التَّوْحِيد مَعْنَاه: إفراد الله بِالعِبَادَةِ بجميع أَنْوَاعهَا: من الدُّعَاء، وَالخَوْف، والرجاء، والاستِغَاثَة، والاستِعَانَة، والتوكل، وكل أنواع العِبَادَة وَهِيَ كَثِيرَة، فَلاَ بُدَّ أن تَكُون كلها خالصةً لله، أَمَّا أن يَخُصَّ اللهَ بِبَعْضِهَا، ويُشرِكَ الأَنْدَادَ فِي بَعْضهَا؛ كَأنْ يَدْعُو الأَمْوَات وغيرهم ولو فِي بَعْض أموره؛ فَهَذَا لا يَقبَلُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ﴾ [فَاطِر: 14]؛ لأَِنَّهُم لا يَقدِرُون عَلَى شَيْء، ﴿وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ﴾ [فَاطِر: 14]، أي يُنكِرون دُعَاءَكُم لَهُم ويُنكِرون كلَّ مَا وَجَّهتُمُوه إِلَيْهِمْ؛
الصفحة 1 / 327