﴿فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ
أَحَدٗا﴾ [الجِنّ: 18]، ﴿لَهُۥ
دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم
بِشَيۡءٍ﴾ [الرَّعْد: 14]، ﴿وَعَلَى
ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آلَ عِمْرَانَ: 122]
****
لأَِنَّهُم لا يَقدِرُون عَلَى شَيْء، قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَمَنۡ
أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ
ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ ٥ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ
كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ ٦﴾ [الأَحْقَاف: 5- 6]؛ أي: يُنكِرُون عبَادَةَ مَن
عَبَدَهُم، فَهَذَا مَآلُ المشركين يَوْم القِيَامَة؛ فَكَيْفَ بعاقل يُقدِم عَلَى
دُعَاء غير الله، ويستغيث بِغَيْر الله من الأَمْوَات ومن المخلوقات الَّتِي لا
تَنفع ولا تَضُر من دون الله، من الأَشْجَار، والأحجار، وغير ذَلِكَ، أين عقول من
يَتركون الخَالِقَ - سُبْحَانَهُ - القَادِرَ عَلَى كلِّ شَيْء الَّذِي أَمَرَهم
بِدُعَائِهِ ووَعَدَهم أن يَسْتَجِيب لَهُم، ويَذهَبُون إِلَى مَخلُوقِين ضُعَفَاء
وجمادات، هَذَا من خَبَلِ العُقُول، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله.
قَوْله:
«لا يتم إلاَّ بأن يَكُون الدُّعَاء كله
لله»، بل لا يَصِحُّ لَهُ دُعَاء ولا يُقبَل إلاَّ أن يَكُون الدُّعَاء كله
لله، فَلاَ يَتحَقَّق التَّوْحِيدُ إلاَّ بِذَلِكَ.
قَوْله:
«يَكُون الدُّعَاء كله لله، والنداء،
والاستِغَاثَة، والرجاء، واستجلاب الخَيْر، واستدفاع الشَّرّ»، فكل هَذَا
حَقٌّ لله عز وجل، فكل أنواع العِبَادَة لله، لا يَستَحِقُّها أَحَدٌ غَيره من
المخلوقين.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا﴾ [الجِنّ: 18] فالذي يَدْعُو الله، ويدعو مَعَهُ أحدًا: مُشْرِكٌ ولا يَنفَعُه دُعَاؤُهُ لله، وَكَذَلِكَ كل أنواع القُرُبات والطاعات إِذَا لَمْ تَكُن خالصةً لله فَإِنَّهَا لا تَنفع صَاحبهَا، بل تَضُره، وَتَصِير هَبَاء منثورًا.