﴿وَعَلَى ٱللَّهِ
فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [المَائِدَة: 23]،
وَقَد تَقَرَّرَ أن شِركَ المشركين الَّذِينَ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمْ خاتمَ
رُسُلِه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُن إلاَّ بِاعْتِقَادِهِم أنَّ الأَنْدَاد
الَّتِي اتَّخَذوها تَنفعهم وتَضرهم وتُقرِّبهم إِلَى الله وتَشفَع لَهُم
عِنْدَهُ، مَعَ اعْتِرَافهم بِأَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى هُوَ خالِقها وخالِقهم،
****
قَالَ
تَعَالَى: ﴿لَهُۥ
دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ﴾ [الرَّعْد: 14]: ﴿لَهُۥ﴾؛ أي: لله عز وجل﴿دَعۡوَةُ
ٱلۡحَقِّۚ﴾ فَالدُّعَاء الصَّحِيح والنافع
هُوَ دُعَاء الله سبحانه وتعالى، ﴿وَٱلَّذِينَ
يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ﴾
[الرَّعْد: 14] من الأَصْنَام والأحجار والأشجار والقبور، ﴿لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيۡءٍ إِلَّا كَبَٰسِطِ
كَفَّيۡهِ إِلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَآءُ
ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ﴾
[الرَّعْد: 14]؛ أي: خَطَأ وهلاك، وإن أَتعَبُوا أنفسَهم فِي ذَلِكَ فإنه لا
يَنفَعُهم؛ لأَِنَّهُم يَدْعُون مَن لا يَقدِر، ولا يَضُر ولا يَنفَع ولا
يَسْتَجِيب.
قَوْله
تَعَالَى: ﴿وَعَلَى
ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آلَ
عِمْرَانَ: 122] هَذَا حَصْرٌ، الأَصْل يَتوكل المُؤْمِنُون عَلَى الله،
وَلَكِنَّهُ قَدَّمَ المَعْمُول وَهُوَ ﴿وَعَلَى
ٱللَّهِ﴾ [آلَ عِمْرَانَ: 122] عَلَى العَامِل
وَهُوَ ﴿فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آلَ عِمْرَانَ: 122] أي: لا يَتوكل عَلَى غير الله،
فمَن تَوكَّلَ عَلَى غير الله فَهُوَ مُشْرِكٌ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ
فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾
[المَائِدَة: 23] فَدَلَّ عَلَى أن الَّذِي يَتوكَّلُ عَلَى غير الله لَيْسَ
بمؤمِنٍ.
قَوْله:
«وَقَد تَقرَّرَ أن شِركَ المشركين
الَّذِينَ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمْ خاتمَ رُسُلِهِ»: وَهُوَ مُحَمَّد صلى الله
عليه وسلم «لَمْ يَكُن إلاَّ
بِاعْتِقَادِهِم أن الأَنْدَاد الَّتِي اتَّخَذوها تَنفعهم وتَضرهم»،
فيَدْعُونهم ويقولون: نَحْنُ نَعلَم أَنَّهُم لا يَقدِرون عَلَى النَّفْع
والضُّرِّ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَقدِر عَلَى هَذَا هُوَ اللهُ،
الصفحة 3 / 327