ولم يَقَع الخلافُ إلاَّ في كونها لِمَحْوِ ذنوب
المُذنِبِين، أو لزيادة ثواب المُطِيعِين، ولم يَقُل أحدٌ مِن المسلمِين
بِنَفيِهَا قَطُّ.
وفي «سُنَن أبي
داود» أن رجلاً قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى
اللَّهِ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ»، فقال: «شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ
مِنْ ذَلِكَ! إِنَّهُ لاَ يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ» ([1])،
****
الأولياء
والصالحون يَشفَعُون لغيرهم يوم القيامة، والأطفال الصِّغار الذين ماتوا أفراطًا
يَشفَعُون.
قوله:
«وأن الناس يَستَشفِعُون به»؛ أي:
بالنبيِّ عليه السلام، وهذه الشَّفَاعَة الكبرى؛ لأنها تَشمَل المؤمِنَ والكافرَ،
فهم يَطلُبون مِن الرسول أن يَشفَعَ لهم عند الله في أن يُخلِّصَهم من الموقف،
فهذه شفاعةٌ عامَّةٌ للمؤمِنِ والكافرِ، فيَستأذِن من ربِّهِ ويَدعُو رَبَّهُ حتى
يُؤذَنَ له، فيَدعُو اللهَ أن يأتي لِفَصْلِ القضاء بين الناس ويُرِيحَهُم مِن
الموقف.
قوله:
«ولم يَقُل أحدٌ مِن المسلمِين
بِنَفْيِهَا قَطُّ»، الشَّفَاعَة العظمى مُجمَعٌ عليها، أما شفاعته في أهل
الكبائر مِن أُمَّتِه؛ فهذه يُخالِف فيها الجهميةُ والمعتزلةُ، يقولون: لا شفاعةَ
فيمن دَخَلَ النَّارَ ولو كان مِن المؤمنِين، فلا شفاعةَ فيه، ويُنكِرُون
الأحاديثَ الواردةَ في ذلك، أمَّا أهلُ السُّنَّة والجماعة فيُثبِتُونَهَا.
قوله: «ولم يَقَع الخلافُ إلاَّ في كونها لِمَحو ذنوب المُذنِبِين»، فالشَّفَاعَة الأولى - وهي الشَّفَاعَةُ العُظمَى - لم يَختَلِفُوا
الصفحة 1 / 327