فَأَقَرَّهُ على قوله: «نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى
اللَّهِ»، وأَنكَرَ عليه قولَهُ: «نَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ»، وسيأتي تمامُ
الكلام في الشَّفَاعَة.
****
فيها،
وإنما الخلافُ في الشَّفَاعَة في عُصاة المُوَحِّدِين، فالجهميَّةُ والمعتزِلةُ
نَفَوْهَا.
قوله:
«أو لزيادة ثواب المُطِيعِين»، فتكون
الشَّفَاعَة في بعض أهل الجِنان؛ لرفعة درجاتهم في الجَنَّة.
قوله:
«ولم يَقُلْ أحدٌ مِن المسلمِين»،
الذين هم على السُّنَّةِ والجماعة بِنَفْيِهَا، وإنما خَالَفَت فيها الفِرَقُ
الضَّالَّةُ؛ كالجهميَّةِ والمعتزِلَةِ.
قوله:
«وفي «سُنَنِ أبي دَاوُدَ») الحديث،
وقد عَقَدَ شيخُ الإسلامِ مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب رحمه الله بابًا على هذا
الحديثِ، فقال: باب: «لاَ يُسْتَشْفَعُ
بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ»؛ لأن الرسولَ صلى الله عليه وسلم
أَنكَرَ على الرَّجُل الذي جاءَ يَطلُبُ منه صلى الله عليه وسلم أن يَستَسقِيَ
لِلمُسلِمِين، وقال: «وَنَسْتَشْفِعُ
بِاللَّهِ عَلَيْكَ»، فغَضِبَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم عليه لَمَّا قال: «وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ»،
فقالَ صلى الله عليه وسلم: «شَأْنُ
اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ! إِنَّهُ لاَ يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ
مِنْ خَلْقِهِ»؛ لأن المشفوع عنده أَعْظَمُ مِن الشَّافِعِ، فهو جَعَلَ اللهَ
شَافِعًا عند المخلوقِ، وهذا تَنَقُّصٌ للهِ عز وجل.
قوله: «فأقَرَّهُ على قوله:
«نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ»» بمعنى: نَطلُبُ منكَ الدُّعَاءَ لنا
بالسُّقيَا، فهذا لم يُنكِرْهُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم، وكان الصَّحابة
يَطلُبُون مِن الرَّسولِ أن يَستَسْقِيَ لَهُمْ.
قوله: «وأَنكَرَ عليه قولَهُ: «نَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ»»؛ لأن المشفوع عنده أَعْظَمُ مِن الشَّافِعِ، فهو بهذا جَعَلَ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم أَعظَمَ مِن اللهِ.
الصفحة 2 / 327