×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 وَلاَ يَجُوز لأحد من عُلَمَاء المُسْلِمِينَ أن يَخرُج عَن تقليدهم وإن كَانَ عَارِفًا بكتاب الله، وسُنَّة رَسُوله» هَذَا لم يَقُلْ به أَحَد مِنْ أَهْلِ العِلْم.

قَوْله: «فلَمْ يَكُن مقصودنا إلاَّ التَّعَجُّب لمن كَانَ لَهُ عقل صَحِيح، وفِكْرٌ رجيح» بَيَّنَ الشَّيْخُ رحمه الله أن المراد من كَلاَمه السَّابِق فِي ذَمِّ التَّقْلِيد لَيْسَ عَلَى إِطْلاَقه، فالتقليد فيه تَفْصِيل:

أولاً: التَّقْلِيد فِي العَقَائِد لاَ يَجُوز مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهَا توقيفيةٌ، لاَ بُدَّ أن المسلم يَعتقد ما دَلَّ عَلَيْهِ الكتاب والسُّنَّة، وَمَا فِي كُتُب عَقَائِد السَّلَف الصَّالِح؛ المُدَوَّن - ولله الحَمْد - فِي الرسائل والكُتُب، فَهَذَا مُحَرَّر ومضبوط فَلَيْسَ فيه خفاء.

ثَانِيًا: التَّقْلِيد فِي أُمُور الفِقْه والاجتهاد الفقهي؛ فَهَذَا فيه تَفْصِيل:

1- من عِنْدَهُ الاستطاعة عَلَى الاِجْتِهَاد المطلَق وَهَذَا لا يكاد يوجَد؛ فهذا لاَ يَجُوز لَهُ أن يُقلِّد.

2- أَمَّا الاِجْتِهَاد المذهبي بأن يَكُون العَالِم عِنْدَهُ إِدْرَاك للراجح والمرجوح من أَقْوَال المَذْهَب حسب الأَدِلَّة، فَهَذَا يُسَمَّى اجتهادًا مذهبيًّا، فيختار من مذهبه ما دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيل من الكتاب والسُّنَّة ويَترك ما لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيل، وَهَذَا ما عَلَيْهِ الأَئِمَّة المحقِّقون من المُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُم لا يُقلِّدون تقليدًا أعمى، إِنَّمَا يقلِّدون من مَعَهُ الدَّلِيل.

3- والقسم الثَّالِث: من لَيْسَ عِنْدَهُ أهلية مُطْلَقًا، لا الاِجْتِهَاد المطلق، ولا الاِجْتِهَاد المذهبي، فَهَذَا يَجِب عَلَيْهِ أن يقلِّد، بأن يَسأل


الشرح