وأنه لا يَغْتَرُّ العَاقِلُ بالكثرة وطول المهلة
مَعَ الغَفْلَة؛ فإن ذَلِكَ ولو كَانَ دَلِيلاً عَلَى الحَقّ لكان ما زَعَمَه
المقلِّدون المذكورون حَقًّا، ولكان ما يَفعله المعتقِدون للأموات حَقًّا، وَهَذَا
عارِضٌ من القَوْل أَوْرَدْنَاه للتمثيل وَلَمْ يَكُن من مقصودنا.
وَالَّذِي نَحْنُ
بصدده هُوَ أنه إِذا خَفِيَ عَلَى بَعْض أهل العِلْم ما ذَكَرْنَاهُ وقَرَّرْنَاه
فِي حُكْمِ المُعْتَقدين للأموات لسببٍ من أسباب الخفاء الَّتِي قَدَّمْنَا
ذِكرَهَا، وَلَمْ يَتعَقَّل ما سُقنَاه من الحُجَج البرهانية القرآنية والعقلية،
****
أهلَ العِلْم، قَالَ الله جل وعلا: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ
أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾
[النَّحْل: 43]. فالله ما أَمَرَ بسؤال أهل الذِّكر إلاَّ لتقليدهم لمن لَيْسَ
عِنْدَهُ عِلم، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾
[النَّحْل: 43]. بِهَذَا القيد، فالذي لا يَعلم يَجِب عَلَيْهِ أن يُقلِّد أهل
العِلْم، بأن يسألهم ويعمل بما يُفتونه به.
قَوْله:
«ويَهُون الأَمْر عَلَيْهِ فِيمَا نَحْنُ
بصدده من الكَلاَم عَلَى ما يفعله المعتقدون للأموات»، ما يفعله المعتقدون فِي
الأَمْوَات، هُم غير معذورين فيه.
قَوْله: «وأنه لا يَغْتَرُّ العَاقِل بالكثرة» نعم لا يَغْتَرُّ العَاقِل بالكثرة، فَلاَ يُقلِّد من يَدْعُو الأَمْوَات ويستغيث بهم وإن كَثُرُوا، فَلاَ يُغتَرُّ بهم، إِنَّمَا يَتَّبِع من اتَّبَعَ الدَّلِيل ولو كَانُوا قليلين، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ﴾ [الأَنْعَام: 116]، ﴿وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ