وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَّخِذُوا
قَبْرِي عِيدًا، وَلاَ بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ مَا
كُنْتُمْ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي» ([1]). وَلِهَذَا
اتَّفَقَ أَئِمَّة الإِسْلاَم عَلَى أنه لا يُشرَع بِنَاء المَسَاجِد عَلَى
القبور، ولا الصَّلاَة عِنْدَهَا،
****
قَوْله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا»،
يَعْنِي تترددون عَلَيْهِ، فالعيد: هُوَ الشَّيْء الَّذِي يَتكَرَّر ويُزارُ،
وَلِذَلِكَ الصَّحَابَة ما كَانُوا كُلَّمَا دَخَلُوا المَسْجِدَ النبوي يَذهَبُون
ويُسلِّمُون عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا كَانُوا يَفعلون
هَذَا عِنْدَمَا يَرجِعون من سفرٍ فَقَط؛ لأَِنَّهُم لو فَعَلُوا هَذَا
وتَرَدَّدُوا عَلَيْهِ صَارَ عيدًا، وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا»؛ أي:
تكررون زيارته، وَإِنَّمَا هَذَا فِي حَقّ من جَاءَ من سفرٍ، وَأَمَّا غَيره فإنه
يكتفي بالصلاة وَالسَّلاَم عَلَيْهِ فِي أي مَكَان.
قَوْله
صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ بُيُوتَكُمْ
قُبُورًا»، أي تَحرِمُوها من الصَّلاَة فِيهَا؛ كصلاة اللَّيْل والتهجد، ومن
تلاوة القُرْآن وذِكر الله فتصير مِثْل القبور، بل تُعَمَّر البُيُوت بطاعة الله
عز وجل.
قَوْله صلى الله عليه وسلم: «وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ مَا كُنْتُمْ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي» فَلاَ حَاجَة إِلَى أن تَذهَب لقبر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وتقول: أنا أُرِيد أن أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، صَلِّ عَلَيْهِ ولو أنك فِي المَشْرِق أو المَغْرِب، فَإِذَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي أي مَكَان بَلَغَهُ ذَلِكَ، فَلاَ حَاجَة إِلَى الذَّهَاب إِلَيْهِ والتردد عَلَى قبره؛ لأن هَذَا يُفْضِي إِلَى الغُلُوّ فِي قبره صلى الله عليه وسلم.