×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ووَرَدَ ما يدل على أن عبادة الله عند القبور بمنزلة اتخاذها أوثانًا تُعبَد، أَخرَج مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1])، وبَالَغَ في ذلك حتى لَعَنَ زائرات القبور، كما أَخرَجه أهلُ السُّنَن من حديث ابن عباس قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» ([2])،

****

إلى الميت بصلاتهم ويستغيثون به، ويَذبَحون له ويَنذِرُون له؟! فهذا شركٌ صريحٌ؛ فالواقع من كثير من الناس عند القبور أنهم يَتقرَّبون إليه بأنواع الطاعات، وهذا شِرْكٌ أَكْبَرُ صريحٌ مُخرِجٌ مِن الملة.

قوله: «وذلك لِقَطْعِ ذريعة التشريك»؛ أي: لقطع وسيلة الشرك، فالذريعة: هي الوسيلة، فإذا صَلَّيْتَ عند القبور وإن كنتَ لا تدعو إلاَّ الله ولا تُصلِّي إلاَّ لله؛ لكن المكان ليس مَحلًّا للصلاة؛ لأن ذلك وسيلة إلى الشرك.

 قوله: «ووَرَدَ ما يدل على أن عبادة الله عند القبور بمنزلة اتخاذها أوثانًا تُعبَد» أي وَرَدَ في الأحاديث أن عبادة الله عند القبور تُصَيِّرها أوثانًا تُعبَد من دون الله؛ ولهذا عَقَدَ الشيخ مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب رحمه الله في كتاب التَّوحِيد: «باب ما جاء مِن التغليظ فيمن عَبَدَ اللهَ عند قبر رجل صالح، فكيف إذا عَبَدَهُ؟!».


الشرح

([1])  أخرجه: مالك في «الموطأ» رقم (85).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3238)، والترمذي رقم (320)، والنسائي رقم (2043)، وأحمد رقم (2030).