وقال في بابٍ آخَرَ: «باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يُصَيِّرها أوثانًا تُعبَد من دون
الله»، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»، فدعا الله أن
يَصُون قبره صلى الله عليه وسلم من أن يُجعَل وثنًا يُعبَد من دون الله، فهل بعد
هذا البيان وهذه النصيحة لِلأُمَّة أَبْلَغُ مِن هذا.
قوله
صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ
تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»، قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يكون
وثنًا؟ إذا صُلِّيَ عنده وعُبِدَ اللهُ عنده؛ ولهذا قال: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا،
وَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» ([1])،
كل هذا حماية للتوحيد؛ ولذلك حَمَى اللهُ قبرَ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم
وصَانَهُ استجابةً لدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا يقول ابن القيم في
نونيته:
فَأَجَابَ رَبُّ الْعَالَمِينَ دُعَاءَهُ **** وَأَحَاطَهُ
بِثَلاَثَةِ الْجُدْرَانِ
حَتَّى اغْتَدَتْ أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ **** فِي
عِزَّةٍ وَحِمَايَةٍ وَصِيَانِ
وقوله: «وَالْمُتَّخِذَاتِ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ، وَالسُّرُجَ» فالجهال لا يُعظِّمون المسجدَ إلاَّ الذي فيه قبرٌ، ففي بعض البلاد لا يَقصِدون إلاَّ المسجدَ الذي فيه قبر الولي، أما المساجد التي ليس فيها قبور فإنهم يَتَجَنَّبُونَها ويَزهَدُون فيها، فمساجد التَّوحِيد يَبتَعِدُون عنها! وهذا من الفتنة.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2044)، وأحمد رقم (8804)، والبزار رقم (509).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد