وكما قال تعالى: ﴿وَإِنِ
ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ﴾ [الأنفال: 72]،
وكما قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ
عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة: 2].
وأمَّا ما لا
يَقدِرُ عليه إلاَّ اللهُ فلا يُستغاثُ فيه إلاَّ به؛
****
قوله:
﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ
ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾
أي: ومنه ما حَصَلَ مِن الإسرائيليِّ لَمَّا استغاثَ بموسى عليه السلام، لما
تَشَاجَرَ هو والقبطيُّ استغاث بموسى؛ لأن موسى مِن بني إسرائيل، ﴿مِن شِيعَتِهِۦ﴾ يعني: مِن جماعته مِن بني إسرائيلَ، ﴿فَوَكَزَهُۥ
مُوسَىٰ﴾ أي: لَطَمَ القبطيَّ
بِكَفِّهِ، ﴿فَقَضَىٰ
عَلَيۡهِۖ﴾ أي: قَتَلَهُ؛ لأَِنَّ موسى
عليه السلام أعطاه اللهُ قُوَّةً، فماتَ القبطيُّ، فعند ذلك نَدِمَ موسى عليه
السلام واستَغفَرَ، والقِصَّةُ مذكورةٌ في سورة «القصص»، الشَّاهد منها: أنه يَجُوزُ الاستِغَاثَة بالمخلوق
الحيِّ الحاضِرِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
أمَّا
الاستِغَاثَة بالمخلوق فيما لا يَقدِرُ عليه، فهذه لا
تَجُوزُ إلاَّ بالله، وما يَفعَلُهُ القُبُورِيُّونَ مِن الاستِغَاثَة بالأموات
وأصحاب الأَضْرِحَة فهذا شِرْكٌ أَكْبَرٌ؛ لأنهم صَرَفُوا نوعًا مِن أنواع العبادة
لغير الله عز وجل واستغاثوا بهم، والأموات لا يَقدِرُون على شيءٍ، فلا يَقدِرُون
أن يُغِيثُوا أَنفُسَهم فيما هُم فيه، فكيف يُغِيثُون غَيْرَهُم؟ بل هُم بِحاجةٍ إلى
مَن يَدْعُو لهم، ويَتصَدَّقُ عنهم، فالحيُّ لا يَستَغِيث بالميتِ؛ لأن هذا مِن
انتكاسِ الفِطَرِ والعقولِ، نَسأَلُ اللهَ العافيةَ.
قوله: «قال تعالى: ﴿وَإِنِ
ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ﴾ [الأنفال: 72] »؛
يعني: ﴿وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ﴾، فإذا أَسلَموا ولم يُهاجِروا فما لكم مِن ميراثهم من
شيءٍ،