×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

هذا في أوَّل الإسلام، كان التَّوارث بين المهاجِرِين، هذا معنى: ﴿مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ أي: حتى يهاجِروا ويَترُكوا البادية، ويَنتَقِلوا إلى المدينة مِن أجْل أن يكونوا مع سواد المسلمِين، ويُجاهِدوا معهم، ﴿وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ يعني: إذا أغارَ عليهم عدوٌّ كافرٌ مُشرِكٌ فإنكم تُساعِدُونهم؛ لأنهم إخوانكم، والتَّناصر بين المسلمِين واجبٌ، ﴿إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞۗ [الأنفال: 72]؛ أي: إذا كان الكُفَّار المُستَنصَر عليهم بينهم وبين المسلمِين المُستَنصَر بهم ميثاقٌ؛ فلا يجوز للمسلمين أن يُقاتِلوهم، وفاءً بالعهد.

قوله: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ [المائدة: 2] هذا في الاستِعَانَة، والاستِعَانَة هي: طَلَبُ العون عند الحاجة في أمرٍ يَحتاج إلى الإعانة، هذا لا بأس به لمن يَقدِر، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ [المائدة: 2] قال صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» ([1])، أما الأمور التي لا يَقدِرُ عليها إلاَّ اللهُ فلا يُستعان في طَلَبِها إلاَّ بالله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5]، هذا فيما لا يَقدِرُ عليه إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى؛ يعني: لا نستعين إلاَّ بِكَ، فلا نستعين بمخلوقٍ، هذا فيما لا يَقدِرُ عليه إلاَّ اللهُ.

قوله: «فلا يُستغاث فيه إلاَّ به»؛ يعني: لا يُستغاثُ فيما لا يَقدِرُ عليه المخلوقُ إلاَّ بالله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2699).