ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الكتاب: فصل: وَأَمَّا
الشِّرْك الأَصْغَر فيسير الرِّيَاء، والتصنع للخلق، والحلف بِغَيْر الله، كَمَا
ثَبت عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ
فَقَدْ أَشْرَكَ بِاللهِ» ([1])،
****
وَالإِيمَان ينقلب كفرًا، والكفر ينقلب إيمانًا؛
إِذا صَارَ المقياس ما عَلَيْهِ النَّاس، هَذَا هُوَ المقياس!
قَوْله: «ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الكتاب»؛ أي: لاِبْن القيم، كِتَاب «مدارج السالكين».
قَوْله:
«وَأَمَّا الشِّرْك الأَصْغَر»، انتهى
من بَيَان الشِّرْك الأَكْبَر ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الشِّرْك الأَصْغَر، الَّذِي
لا يُخرج من الملة، وَلَكِنَّهُ يُنقِص التَّوْحِيد، وأيضًا هُوَ وسيلة إِلَى
الشِّرْك الأَكْبَر؛ وَلِهَذَا خافه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى
الصَّحَابَة، فَقَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ
مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ»، قِيلَ: وَمَا الشِّرْكُ
الأَْصْغَرُ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ» ([2])،
وفي رِوَايَة: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ:
أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ
رَجُلٍ» ([3]).
قَوْله:
«فيسير الرِّيَاء» وَأَمَّا الرِّيَاء
الكثير فَهُوَ رياء المنافقين الَّذِينَ هُم فِي الدَّرك الأَسْفَل من النَّار، ﴿يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ
وَلَا يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾
[النِّسَاء: 142]، فالرياء عَلَى قِسْمَيْنِ:
الأَوَّل:
رياء اعْتِقَادِي، وَهَذَا عِنْدَ المنافقين.
الثَّانِي: ورياء عملي، فَهَذَا يحصل عِنْدَ أهل الإِيمَان، وخافه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابه.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (5375)، والحاكم رقم (7814).