وَقَوْل الرَّجُل للرجل: ما شَاءَ اللهُ وشئتَ،
هَذَا مِن الله ومنكَ، وأنا بالله وبكَ، وَمَا لي إلاَّ الله وأنتَ، وأنا متوكِّل
عَلَى الله وعليك، ولولا أَنْتَ لَمْ يَكُن كَذَا وَكَذَا. وَقَد يَكُون هَذَا
شركًا أَكْبَر بِحَسَبِ حَال قائله ومقصده.
****
قَوْله:
«والتصنع للخلق» الرِّيَاء والتصنع
كله بِمَعْنَى واحد وَهُوَ مراءاة النَّاس بِالأَعْمَالِ، وَإِرَادَة المدح
وَالثَّنَاء، وغير ذَلِكَ.
قَوْله:
«والحلف بِغَيْر الله»؛ أي: من أنواع
الشِّرْك الأَصْغَر الحَلِف بِغَيْر الله، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ
بِاللهِ» ([1])،
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم، «لاَ
تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» ([2])،
وَقَالَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا
فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ([3])،
فَلاَ يَجُوزُ الحَلِف بِالنَّبِيِّ، ولا الحَلِف بالولي، ولا الحَلِف بالكعبة،
ولا بِأَيّ مخلوق، فَلاَ يَجُوزُ الحَلِف بالمخلوق أَبَدًا؛ لأنه شرك.
قَوْله: «وَقَوْل الرَّجُل للرجل: ما شَاءَ الله وشئت»، من الشِّرْك الأَصْغَر أن يَجمع بَين الله وبين المخلوق بالواو، فيَعطف المخلوق عَلَى الله بالواو، فيقول: لولا الله وأنتَ، ما لي إلاَّ الله وأنتَ، ما شَاءَ الله وشئتَ؛ لأن الواو تَقْتَضِي الجمع والمشاركة، فأنت جَعَلتَ المخلوق شريكًا للخالق فِي الفِعْل، وَهَذَا شرك أصغر من شرك الأَلْفَاظ، وَأَمَّا الرِّيَاء فَهُوَ شرك فِي النيات وَهُوَ الشِّرْك الخَفِيّ؛ سَمَّاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: الشِّرْك الخَفِيّ؛ لأنه فِي القلوب.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (5375)، والحاكم رقم (7814).
الصفحة 3 / 327