وهذا معلومٌ لكل مسلمٍ، وليس فيه أنه لا يُتوسَّل
به إلى الله، فإن ذلك هو طَلَبُ الأمر مِمَّن له الأمر والنهي، وإنما أراد أن الطالب
يُقَدِّمُ بين يَدَيْ طَلَبِهِ ما يكون سببًا للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء
والمنع، وهو مالك يوم الدين.
وإذا عَلِمْتَ هذا
فَاعْلَمْ: أن الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزيَّةِ، والبَلِيَّةَ كُلَّ البليَّةِ أمرٌ
غير ما ذَكَرْنَاهُ من التَّوسُّل المُجَرَّدِ، والتَّشَفُّع بِمَن له
الشَّفَاعَة، وذلك ما صار يَعتقده كثيرٌ مِن العوامِّ، وبعض الخواصِّ في أهل
القبور،
****
لا يَنفَعُهم هذا، وإنما تَنفَعُهم أعمالهم التي
عَمِلُوها، وأما وَهُمْ على الكُفر فلا يَنفَعُهم أنهم أقارب الرسول صلى الله عليه
وسلم، أبو لهبٍ ذَكَرَ اللهُ جل وعلا شَأْنَهُ: ﴿سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ﴾
[المسد: 3]، وهو عَمُّ الرسول صلى الله عليه وسلم، وعَمُّهُ أبو طالبٍ حَرصَ
الرسولُ صلى الله عليه وسلم على أن يُسلِمَ، ولكنه لم يُسلِمْ، ومات على مِلَّةِ
عبد المطلب، وهي عبادة الأصنام، فصار في النار، ولم يَملِك الرسولُ صلى الله عليه
وسلم له الإنقاذَ منها.
قوله:
«وأنه لا يَملك لأحدٍ من قرابته فضلاً عن
غيرهم شيئًا من الله»: إذا أراد الله ضَرَّهُم فلن يستطيع الرسول صلى الله
عليه وسلم أن يَمنع ذلك، وإذا أراد الله نَفْعَهم لن يستطيع الرسول صلى الله عليه
وسلم أن يَمنَعَ النَّفعَ، وهذا لا نِزَاعَ فيه.
وأما قوله: «وليس فيه أنه لا يُتوَسَّل به إلى الله» إن أراد أنه لا يُتَوَسَّلُ به في حياته، والتَّوسُّل باتِّباعه صلى الله عليه وسلم ومَحَبَّتِه، والإيمان به؛ كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ