وفي المعروفين بالصلاح من الأحياء من أنهم يَقدرون
على ما لا يَقدِرُ عليه إلاَّ اللهُ جل وعلا ويَفعلون ما لا يَفعله إلاَّ الله عز
وجل، حتى نَطَقَت ألسنتهم بما انطَوَت عليه قلوبهم، فصاروا يَدعونهم تارةً مع
الله، وتارةً استقلالاً، ويَصرُخون بأسمائهم، ويُعظِّمُونهم تعظيمَ مَن يَملك
الضرَّ والنفعَ، ويَخضعون لهم خضوعًا زائدًا على خضوعهم عند وقوفهم بين يَدَيْ
رَبِّهِم في الصلاة والدُّعَاء. وهذا إذا لم يكن شركًا فلا ندري ما هو الشرك، وإذا
لم يكن كفرًا فليس في الدُّنْيَا كفرٌ.
****
ٱلشَّٰهِدِينَ﴾ [آل عمران: 53]، ﴿رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي
لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فََٔامَنَّاۚ﴾
[آل عمران: 193]، فهذا تَوَسُّلٌ إلى الله بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم،
وهذا عَمَلٌ لِلدَّاعِي نفسه وليس عَمَلاً لغيره، فهو تَوَسُّلٌ إلى الله
بِعَمَلِهِمْ هم؛ وهو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به.
قوله:
«يُقَدِّمُ بين يَدَيْ طَلَبِهِ ما يكون
سببًا للإجابة»؛ أي: فالتَّوسُّل الجائز سببٌ للإجابة من الله سبحانه وتعالى.
قوله:
«ما صار يَعتقده كثيرٌ مِن العوامِّ...»؛
أي: من الاعتقاد في الموتى أنهم يَنفعون ويَضُرُّون وأنهم يُرزِقُون وأنهم وأنهم..
قوله: «يدعونهم تارة مع الله تعالى»؛ أي: يقول: يا الله، يا عبد القادر، يا
علي، يا عباس، فيدعونهم مع الله.
قوله:
«وتارةً استقلالاً»؛ أي: وتارة لا
يَذكرون الله أصلاً، وإنما يَذكرون أولياءهم فقط، إذا وَقَعُوا في شدة فإنهم
يَهتفون بأسمائهم، لِيُنقذوهم مما وَقَعوا فيه، ويَنسُون الله سبحانه وتعالى.