×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فمَن وَقَفَ عَلَى شَيْءٍ مِن هَذَا الجِنْس لِحَيٍّ مِن الأَحْيَاء فَعَلَيْهِ إِيقَاظُهُ بالحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ، فإن رَجَعَ وإلاَّ كَانَ الأَمْر فيه كما أَسلَفْنَاه.

وَأَمَّا إِذا كَانَ القائل قَد صَارَ تَحْتَ أطباق الثَّرَى؛ فينبغي إرشاد الأَحْيَاء إِلَى ما فِي ذَلِكَ الكَلاَم من الخَلَل، وَقَد وَقَعَ فِي البُرْدَة والهمزية شَيْءٌ كَثِيرٌ مِن هَذَا الجِنْسِ،

****

 قَوْله: «فَعَلَيْهِ إيقاظه بالحُجَج الشرعية»، فلم يَحصل هَذَا فِي النَّاس إلاَّ لَمَّا سَكَتَ كَثِيرٌ من العُلَمَاء عَن تَعْلِيم العَقِيدَة الصَّحِيحَة، وشَرحِهَا لِلنَّاسِ، والدعوة إِلَيْهَا، وَالنَّهْي عَن الشِّرْك، فَلَمَّا سَكَتَ العُلَمَاء حَدَثَ هَذَا فِي النَّاس، فَهَذَا مِن تَقْصِير أهل العِلْم، وسكوتهم، تجد فِي المجتمع عُلَمَاء وَلَكِنَّهُم ساكتون، يأكلون ويَشربون ولا يُحرِّكون ساكِنًا مِمَّا يَقَع حولهم وبجوارهم من الشِّرْك الصَّرِيح؛ وبذلك صَارَ مألوفًا عِنْدَ النَّاس، وَرُبَّمَا يَحتَجُّون بهؤلاء العُلَمَاء ويقولون: لو كَانَ هَذَا شِركًا ما تَرَكُونا ولا سَكَتُوا عَنْهُ، فسكوت العُلَمَاء هُوَ المصيبة.

قَوْله: «فإن رَجَعَ وإلا كَانَ الأَمْر فيه كما أَسلَفْناه»، فَلاَ بُدَّ أن يُبَيَّنَ لِلنَّاسِ أسبابُ الشِّرْك ويُحذَّرون مِنْهُ، ويُدْعَون إِلَى التَّوْحِيد، ولا يُغفَل عَنْهُ، وَلَكِن الآنَ حَدَثَ فِي وَقتِنا من يُثبِّطون عَن التَّوْحِيد، مِمَّن يَقُولُونَ: إِنَّهُم يَدْعُون إِلَى الله، ويَنتسبون للدعوة، ويقولون: لا تَذكُروا التَّوْحِيدَ، لا تُنفِّروا النَّاس! اترُكُوا النَّاس عَلَى عَقَائِدهم، اجعَلوهم يَتحَابُّون ويَتعاوَنُون، ويُساعِد بَعْضُهم بَعْضًا، وَأَمَّا العَقَائِد فكلٌّ لَهُ عَقِيدَته، يا سبحانَ اللهِ! كيف يَكُون هَذَا الكَلاَم مِمَّن يَقُول: إنه يَدْعُو إِلَى الله؟ يَدْعُو إِلَى مَاذَا إِذًا، إِذَا لَمْ يَدْعُ إِلَى التَّوْحِيد فإلى مَاذَا يَدْعُو؟ حَتَّى إِنَّهُم 


الشرح