×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وأخرج النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ» ([1])، وهذه الأُمُور إِنَّمَا كَانَت من الجِبْت والشرك؛ لأَِنَّهَا مظنة لِلتَّعْظِيمِ الجَالِب لِلاِعْتِقَادِ الفاسد،

****

 فهذا مِن مَصالِح الناس، وهذا يُسمَّى: عِلم التَّسيِير؛ فالزراعة لها أوقاتٌ تُعرَف بذلك.

والشمس والقمر فِي سيرهما يُستَدَل بهما عَلَى أوقات الصَّلاَة، ويُستَدَل بهما عَلَى اتجاه القِبلة، ويُستَدَل بهما عَلَى الطُّرُق وَعَلَى القِبلة، وَهَذَا لا بَأْسَ به، وَهُوَ من عِلم التَّسيير، ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ [الأَنْعَام: 97]، ﴿وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ [النَّحْل: 16]. يَهتَدِي بها المُسَافِرُ، وَلِهَذَا يَقُول بَعْضُ السَّلَفِ: «خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ» ([2])، من اعتَقَدَ فِيهَا غير هَذِهِ الأُمُور الثَّلاَثَة؛ بأن اعتَقَدَ فِيهَا أنها تَنفع وتَضر وتَتصرَّف فِي الكون؛ فقد أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نصيبَه من الدِّين وَالعِيَاذُ بالله.

 قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ»: هَذَا الحَدِيث فيه التحذير من السِّحر، وأنه شِركٌ


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي رقم (4079)، والطبراني في «الأوسط» رقم (1469).

([2])  أخرجه: البخاري معلقا (4/107).