×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

 يَعكفون على سدرة؛ أي: يقيمون عندها، ويجلسون عندها تَبَرُّكًا بها.

قوله: «وينوطون بها أَسْلِحَتَهُمْ»؛ أي: يُعلِّقون بها أسلحتَهم تبرُّكًا بها، «يُقال لها: ذَاتُ أَنْوَاطٍ»؛ لأنهم ينوطون بها أسلحتهم تَبرُّكًا بها، فاستَحسَنَ هؤلاء - الذين هم حَدِيثُو العهد بالإسلام ولم يتَمَكَّنوا من معرفة التَّوحِيد معرفةً تامةً - استَحسَنُوا هذا الشيء لجهلهم، فقالوا: «يا رَسُولَ اللهِ اجْعَلْ لنا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كما لهم» ذَاتُ أَنْوَاطٍ، وهذا من باب التقليد والتشبه، وهو خطرٌ على هذه الأمة، فالتقليد والتشبه بالكفار والمشركين أَخطَرُ شيءٍ على هذه الأمة، فطَلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُخصِّص لهم شجرةً يعكفون عندها ويُعلِّقون بها أسلحتهم؛ لجهلهم بحكم ذلك، والحمد لله أنهم لم يُقدِموا على هذا، بل سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهكذا المسلم إذا أَشكَلَ عليه شيءٌ، أو استَحسَنَ شيئًا لا يُقْدِم عليه إلاَّ بعد أن يَسأل أهلَ العلم: هل يجوز أو لا يجوز، فهؤلاء سألوا الرسولَ صلى الله عليه وسلم أن يَجعل لهم ذاتَ أنواطٍ كما لهؤلاء المشركين ذاتُ أنواطٍ، والرسول صلى الله عليه وسلم أَنكَرَ هذا وتَعجَّبَ، وكَبَّرَ فقال: «اللهُ أَكْبَرُ»، وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أنه إذا أَعجَبَهُ شيءٌ أو استَنكَرَ شيئًا أن يُكبِّرَ، فكَبَّرَ اللهَ تنزيهًا له عن فِعل هذا الشيء، فقال: «اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السَّنَنُ»؛ أي: طُرق الأولين التي يُقلِّدها من جاء بعدهم، «قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: ﴿ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ» فبنو إسرائيل لما نجاهم الله من فرعون وقومه وأَغرَقَ عدوهم، وسار


الشرح