والحاصل: أن طَلَبَ الحَوَائِج من الأَحْيَاء
جَائِزٌ إِذا كَانُوا يَقدِرُون عَلَيْهَا، ومن ذَلِكَ الدُّعَاء فإنه يَجُوز
استمداده من كل مُسْلِم، بل يَحسُن ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ
الشَّفَاعَة مِنْ أَهْلِها الَّذِينَ وَرَدَ الشَّرْع بأنهم يشفعون، وَلَكِن ينبغي
أن يعلم أن دُعَاء من يَدْعُو لَهُ لا يَنفع إلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وإرادته
ومشيئته، وَكَذَلِكَ شفاعة من يَشفع لا تَكُون إلاَّ بِإِذْنِ اللهِ، كما وَرَدَ
بِذَلِكَ القُرْآن الكَرِيم، فَهَذَا تَقْيِيد لِلمُطلَق لا ينبغي العُدُول عَنْهُ
بِحَالٍ.
****
قَوْله: «والحاصل أن طَلَبَ الحَوَائِج من الأَحْيَاء جَائِزٌ إِذا كَانُوا
يَقدِرُون عَلَيْهَا»، والحي يَقدِر أن يَدْعُو، والميت لا يَقدِر عَلَى
الدُّعَاء.
قَوْله:
«ومن ذَلِكَ الدُّعَاء فإنه يَجُوز استمداده
من كل مُسْلِم»، وَلَيْسَ خاصًّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فكل رَجُلٍ
صالحٍ تَطلُب مِنْهُ أن يَدْعُو الله لكَ.
قَوْله:
«وَكَذَلِكَ الشَّفَاعَة مِنْ أَهْلِها
الَّذِينَ وَرَدَ الشَّرْع بأنهم يشفعون» كَالأَنْبِيَاءِ والصالحين.
قَوْله:
«وَلَكِن يَنبغي أن يعلم أن دُعَاء من
يَدْعُو لَهُ لا يَنفع إلاَّ بِإِذْنِ اللهِ، وإرادته، ومشيئته»، فَلاَ يَنفع
الدُّعَاء إلاَّ بِذَلِكَ.
قَوْله:
«فَهَذَا تَقْيِيد للمطلق لا يَنبغي
العُدُول عَنْهُ بِحَال» لأن هُنَاك من يَأْخُذ المطلَق ويَستدِل به، ولا
يَنظر إِلَى القيد إِمَّا لِجَهلِه وَإِمَّا لِضَلاَلِه، فَلاَ بُدَّ أن تُربَطَ
الأَدِلَّةُ بَعْضُهَا بِبَعْض؛ لأَِنَّهَا يُفسِّر بَعْضُهَا بَعْضًا، ويُقيِّد
بَعْضُهَا بَعْضًا، ويَنسَخ بَعْضُهَا بَعْضًا.