وبالجملة فَالوَارِد عَن الشَّارِع من الأَدِلَّة
عَلَى قَطْعِ ذَرَائِع الشِّرْك، وهَدْمِ كل شَيْء يُوصِل إِلَيْهِ فِي غَايَة
الكثرة،
****
الله
عز وجل إِلَى البشرية، فَهَذِهِ صفاته صلى الله عليه وسلم الَّتِي يواجَهُ بها: يا
نَبِيَّ الله، يا رَسُولَ الله، وبهذا يُخَاطَب صلى الله عليه وسلم، فيقال: عَبْدُ
اللهِ ورسولُه، ولا يُقَال أَكْثَرُ مِن هَذَا.
قَوْله: «وبالجملة» الفَرْقُ بَيْنَ «بالجملة»
و «فِي الجُمْلَة»: أن «بالجملة» يَشمَل كل الصُّوَر، أَمَّا «فِي الجُمْلَة» فَهُوَ يَتنَاوَل بَعْض
الصُّوَر.
قَوْله:
«فِي غَايَة الكثرة»؛ أي: هُنَا
كَثِير، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ نَمُوذَجًا مِن الأَدِلَّة فِي سَدِّ الذَّرَائِع
الَّتِي تُفضِي إِلَى الشِّرْك. وقاعدة سَدِّ الذَّرَائِع مُجمَعٌ عَلَيْهَا بَين
العُلَمَاء فِي التَّوْحِيد وفي المُعَامَلاَت وفي غَيرهَا، فَهِيَ قَاعِدَة
عَظِيمَة مُسلَّمَةٌ، لَكِن جَاءَ من المُعَاصِرِينَ ومن الجُهَّال ومن المنافقين
من يُرِيد فَتْحَ الذَّرَائِع ويقول: لا يوجَد سَدٌّ للذرائع! ويُنكِرون
الأَحَادِيثَ ويُنكِرون الآيَاتِ القرآنيَّةَ الَّتِي فِيهَا سَدُّ الذَّرَائِع،
ومنها قَوْله تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا﴾ [البَقَرَة: 104]، فَالمَعْنى واحد فِي راعنا أو
انظرنا، لَكِن لما كَانَ اليهود يستغلون راعنا ويَقصِدون بها الرُّعُونَة، قَالَ
الله لَنَا: قولوا: انظرنا، ولا تقولوا: راعنا، سدًّا للذريعة عَلَى اليهود أن لا
يَتَّخِذوا هَذِهِ اللَّفْظَة وسيلةً لِتَنَقُّصِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم؛
لأن ﴿رَٰعِنَا﴾ تَحتَمِل الرُّعُونَةَ وتَحتَمِل النَّظَرَ،
فَاتْرُكُوا الَّذِي فيه اشتراكٌ وَاذْهَبُوا إِلَى اللَّفْظ الَّذِي لَيْسَ فيه
اشتراكٌ وَهُوَ: ﴿ٱنظُرۡنَا﴾
الصفحة 2 / 327