×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

القتلُ، فإن كان صادقًا نَفعَته «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، وإن كان كاذبًا - كالمنافقين - فإنها تَنفَعُه في الدُّنْيَا فيُعصَم دَمُه ومالُه، ولكنها لا تَنفَعه في الآخرة؛ فهو في الدَّرْك الأسفل مِن النَّار، ومَن قال: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» وأَظهَرَ ما يُناقِضُها كالقُبورِيِّين، فهذا يَرتَدُّ عن الإسلام ويُحكَم عليه بالرِّدَّة ويُعامَل مُعامَلةَ المُرتَدِّينَ؛ لأنه ناقَضَ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» بالشِّرك بالله، ودعوةِ غيرِ الله.

في الحديث الصَّحيح أن جماعةً مِن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سَرِيَّةٍ، فلَحِقَ أسامةُ بن زيد، ورَجُلٌ مِن الأنصار بِرَجُلٍ مِن الكفار لِيَقتُلوه، فلمَّا أَدرَكاه قال: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، فَكَفَّ عنه الأنصاريُّ، وقَتَلَهُ أسامةُ بن زيدٍ رضي الله عنهما، فلما قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذَكَرُوا له القِصَّةَ قال: «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ؟»، قال أسامة: كَانَ مُتَعَوِّذًا ([1])! أي: قالها لِيَتَّقِيَ بها السَّيفَ؟ فقال: «أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؟ ([2]) فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» ([3])، فما زال يُكرِّرُها حتى تَمَنَّى أسامةُ أنه لم يُسلِم قبل ذلك، مع أنه صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أسامةَ حُبًّا شديدًا، ويُحِبُّ أباه زيدَ بنَ حارثةَ، ولكنه لاَمَهُ على هذه الفعلة، مع أن أسامة رضي الله عنه مُجتهِدٌ، ولم يُقِرَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على هذه الفعلة، بل عاتَبَه عتابًا شديدًا، فمَن قال: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» وَجَبَ أن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4269)، ومسلم رقم (96).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (96).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (97).