×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

يُكَفَّ عنه؛ لأننا لا نَحكُم على ما في القلوب، وإنما نَحكُم على الظَّاهر، فمَن أَظهَرَ الشِّركَ حَكَمْنا بِكُفره، ومَن كان يقول: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» ولم يُظهِر شيئًا يُناقِضُها؛ فإننا نُعامِلُه معامَلةَ المسلم، ويَحرُم دَمُه ومالُه، هذا هو المنهج السليم الموافِق للكتاب والسُّنَّة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ»؛ أي: قالوا: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ»، «عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ»؛ يعني: إذا جاءوا بشيءٍ يُخالِف حَقَّ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» فإنه لا يُعصَم دَمُه ولا مالُهُ، ثُمَّ قال: «وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» ([1]). إذا قالوها ولم يُخِلُّوا بشيءٍ مِن حَقِّها فحسابهم على الله، فإن كانوا صادِقِين فإنها تَنفَعُهم عند الله، وإن كانوا مُنافِقِين فإنها لا تَنفَعُهم عند الله، وإن كانت تَنفَعُهم في الدُّنْيَا بأن يُحكَمَ بإسلامهم ويُعامَلوا معامَلَةَ المسلمِين؛ لأنه ليس لنا إلاَّ الظَّاهِر ما لم يَتَبَيَّنْ مِن أحدٍ غيرِ جاهلٍ الشِّركُ والكفرُ فنُعامِلَه معامَلةَ الكُفَّار والمشركِين.

وأيضًا لا بد مِن الإخلاص في ذلك، قال أبو هريرة رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ: نَفْسِهِ» ([2])؛ يعني: لَم يَقُلْهَا نِفاقًا، وإنما قالها خالِصةً مِن قلبه، وهذا قَيْدٌ عظيمٌ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (99).