وكذلك قال صلى الله عليه وسلم في حديث عتبان: «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى
النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ
اللَّهِ» ([1])،
أما الذي يقولها رِيَاءً وسُمعةً أو نِفاقًا فهذا لا يبتغي بها وَجْهَ الله، ولا
يُحَرِّمُه اللهُ على النار، ولكننا نَكُفُّ عنه ما دام لم يَظهَر لنا شيءٌ منه
ينافيها، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ -
حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» ([2])؛
لأن هناك الكثير يقولون: «لاَ إِلَهَ
إلاَّ اللَّهُ»، لكن لا يَكفُرُون بما يُعبَد مِن دُون الله، فإما أنهم
يَعبُدُون غيرَ الله كالقبور والأَضْرِحَة، وإما أنهم لا يَحكُمُون بِكُفر مَن
فَعَلَ ذلك، فهم لم يَكفُرُوا بما يُعبَد مِن دُون الله حتى وإن لم يَفعَلُوه،
فإذا لم يُكفِّروا مَن فَعَلَ هذا ولم يُنكِرا عليه لم تَنفَعْهم هذه الكلمةُ.
فـ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» كلمةٌ عظيمةٌ، ولها قيودٌ وأركانٌ وشروطٌ، ولها واجباتٌ ومستَحَبَّاتٌ، وهي عنوان الإسلام، فكل الإسلام يَدخُلُ تحت «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ»، فهي كلمةٌ عظيمةٌ، وليست مُجرَّدَ كلمةٍ تُقال باللسان، بل هي كلمةٌ تُقال باللسان ويُعتَقَد معناها بالقلب، ويُعمَل بمقتضاها بالجوارح؛ فلذلك الإمام الشوكانيُّ رحمه الله وَضَعَ هذا العنوانَ العظيمَ: «إخلاص كلمة التَّوحِيد»؛ يعني: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ»، وقد وَضَّحَتْهَا أحاديثُ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (425)، ومسلم رقم (33).