والمتوسل به لا يَحتاج إِلَى رشوة بنذرٍ أو ذبحٍ،
ولا تَعْظِيم ولا اعْتِقَاد؛ لأن المدعو هُوَ الله سُبْحَانَهُ، وَهُوَ أَيْضًا
المجيب، ولا تأثير لِمَن وَقَعَ به التَّوسُّل بالعمل الصَّالِح، فأيُّ جدوى فِي
رشوة مَن قَد صَارَ تَحْتَ أطباق الثَّرَى بِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ!
****
القِسْم
الثَّانِي: أن لا يَصرِفَ شَيْئًا من العِبَادَة للواسطة،
وَإِنَّمَا مُجَرَّد أنه يَقُول: هَذَا رَجُل صالحٌ مُقرَّبٌ عِنْدَ الله وَهُوَ
وسيلتي إِلَى الله، فيَتوَسَّط لي عِنْدَ الله، فَهَذَا بِدْعَةٌ.
قَوْله:
«والمتوسل به لا يحتاج إِلَى رشوة»؛
لأَِنَّهُم يَفعلون لَهُم من العِبَادَة ما هُوَ بمنزلة الرِّشْوَة الَّتِي
تُقدَّم إِلَى الوسطاء عِنْدَ الملوك، ويقولون ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ﴾ [الزمر: 3] هَذِهِ العِبَادَة لَهُم رشوة، فيرشونهم
بالشرك بالله عز وجل.
قَوْله: «فأي جدوى فِي رشوة من قَد صَارَ تَحْتَ أطباق الثَّرَى بِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ!»: فلو اقتَصَرَ عَلَى التَّوسُّل به بدون أنه يَصرِف لَهُ شَيْئًا من العِبَادَة للمتوسَّل به، لصار بِدْعَةً، لأَنَّ اللهَ لم يشرع هَذَا، وَلَمْ يقل: ادعوني بواسطة الصَّالِحِينَ، ادعوني بواسطة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ادعوني بواسطة فلان؛ بل قَالَ: ﴿ٱدۡعُونِيٓ﴾ [غَافِر: 60] مباشرة، ﴿أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غَافِر: 60]، وفِي الحَدِيث الصَّحِيح: «يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَْوَّلُ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ. فَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ» ([1])
([1]) أخرجه: مسلم رقم (758).
الصفحة 2 / 327