×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

واتَّخَذُوا من دونه شركاء، وتارةً يَقُولُونَ: شفعاء يُقرِّبونهم إِلَى الله زُلْفَى، بِخِلاَف جهلة المُسْلِمِينَ الَّذِينَ اعتَقَدُوا فِي أوليائهم النَّفْع والضَّرَّ؛ فإنهم مُقِرُّون لله بالوحدانية، وإفراده بالإلهية، وصَدَّقُوا رُسُلَه، فالذي أَتَوْه من تَعْظِيم الأَوْلِيَاء كُفر عملٍ لا اعْتِقَادٍ.

فالواجب وَعْظُهم، وتعريفهم جَهْلَهم، وزَجْرُهم ولو بِالتَّعْزِيرِ، كما أُمِرْنَا بِحَدِّ الزَّانِي والشارب والسارق مِنْ أَهْلِ الكفر العِلْمِيِّ، إِلَى أن قَالَ: فَهَذِهِ كلها قبائح مُحَرَّمَة من أعْمَال الجَاهِلِيَّة، فَهُوَ من الكفر العملي.

****

  قَوْله: «واتَّخَذُوا من دونه شركاء، وتارة يَقُولُونَ: شفعاء يُقرِّبونهم إِلَى الله زُلْفَى» انْظُر: شركاء، وشفعاء؛ يَعْنِي: اعْتَرَفُوا عَلَى أنفسهم.

قَوْله: «بِخِلاَف جهلة المُسْلِمِينَ الَّذِينَ اعتَقَدوا فِي أوليائهم النَّفْع والضَّرَّ» يا سبحانَ اللهِ، الَّذِي يَعتقد فِي مخلوق مَيِّتٍ النَّفْعَ والضَّرَّ، هَذَا يُقَال: إنه مُسْلِم، أو يُقَال: إنه لم يُشرِك؟ «بِخِلاَف جهلة المُسْلِمِينَ» كيف يكونون جهلة؟ فليسوا بجهلة.

قَوْله: «فإنهم مُقِرُّون لله بالوحدانية»، لا يَنفع الإِقْرَار مَعَ التناقض، الإِقْرَار حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، كيف تُقِرُّون أنه هُوَ الرَّبُّ والخالق والرازق، وتَصرِفون العِبَادَة إِلَيْهِمْ، فَهَذَا تناقُضٌ.

قَوْله: «فالذي أَتَوْه من تَعْظِيم الأَوْلِيَاء كُفر عملٍ لا اعْتِقَادٍ» هَذَا كَذِبٌ، هَذَا كُفر اعْتِقَادٍ، ما فَعَلُوا هَذَا إلاَّ لاِعْتِقَادٍ، هُوَ قَالَ فِي الكَلاَم السَّابِق إِنَّهُم يَعتقدون فِيهِم، فَلَيْسَ كُفر عملٍ، بل كُفر اعْتِقَادٍ، فما فَعلوا هَذَا إلاَّ لأَِنَّهُم يَعتقدون أَنَّهُم يَنفعون ويَضرون.


الشرح