×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وأما الشرك في الألوهية، فهو بأن يدعو غيره دعاء عبادة أو دعاء مسألة.

كما قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾[الفاتحة: 5]، فكما أنَّ إثبات المخلوقات أسبابًا لا تقدح في توحيد الربوبية، ولا يمنع أنَّ الله خالق كل شيء، ولا يوجب أن يُدعى مخلوقٌ دعاء عبادة أو دعاء استغاثة، كذلك إثبات بعضِ الأفعال المحرمة من شرك أو غيره، أسبابًا لا يقدح في توحيد الألوهية.

ولا يمنع أن يكون الله هو الذي يستحق الدين الخالص.

ولا يوجب أن تستعمل الكلمات والأفعال التي فيها شرك، إذا كـان الله يسخط ذلك، ويعاقب العبد عليه.

وتكون مضرة ذلك على العبد أكثر من منفعته؛ إذ قد جعل الله الخير كله في أن لا نعبد إلاّ إياه، ولا نستعين إلاّ إياه.

*****

قوله: «وشرك في الألوهية...» هذا هو النوع الثاني من أنواع الشرك الأكبر وهو الشرك في الألوهية، وهذا حاصل بكثرة في العالم، وهذا هو الذي بعث الله الرسل وأنزل الكتب لإنكاره، والأمر بتركه، قال تعالى:﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 25]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ [النساء: 36] فهذا الشرك وقعت فيه أمم كثيرة من أهل الأرض، قديمًا وحديثًا، وجاءت الرسل بإنكاره وجهاد أهله، حتى يكون الدين كله لله، قال تعالى: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ [الأنفال: 39]، وهذا هو الشرك الذي ينكِرُهُ المؤلف في هذا الكتاب


الشرح