×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

﴿كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ يعني: يرجع الخلق كما بدأهم، كما قال - سبحانه -: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ ٣ بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ ٤ بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ ٥ يَسۡ‍َٔلُ أَيَّانَ يَوۡمُ ٱلۡقِيَٰمَةِ [القيامة: 3- 6] فيردُّه الله كما كان، وإن تبعثر وضاع في الأرض، وصار ترابًا، فإنَّ الله يُعيد خلقه كما كان أول مرَّة، فيأتي لا ينقصُ منه شيء، حتى القُلْفة التي قُطعت في الـخِتان ترجع، فيعودون إلى الله على خِلقتهم التي خلقهم الله عليها.

﴿وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْۚ [الأنعام: 94] أي: أن من كانوا يعبدونهم من دون الله ويستشفعون بهم، يتبرؤون منهم يوم القيامة، فيتخلّى المعبود ممن عبده، إلاّ الله سبحانه وتعالى فهؤلاء الذين عبدوا غير الله في هذه الدنيا يتخلّى عنهم معبودهم في أحرج المواقف وأشد الشدائد، فيواجهون الله سبحانه وتعالى ولا أحد ينصرهم.

ثم قال: ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ[الأنعام: 94] أي: تقطَّع ما بينكم من الأسباب والوصلات والوسائل.

سورة الأنعام سورة عظيمة؛ لأنها اشتملت على بيان أصول الإيمان وأصول العقيدة من أوَّلها إلى آخرها، ومن ذلك التحليل والتحريم، الذي هو حقٌّ لله سبحانه وتعالى، وكذلك إبطال الشرك وإفراد الله جل وعلا بالعبادة، وقد بيَّنت السورة ذلك ببراهين دالّة على التوحيد، والنهي عن الشرك.


الشرح