×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

 العبادة، وهو الدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» ([1])ومع هذا، ومع كونه شركًا، ومع كونه لا فائدة فيه، فإن كثيرًا من المفتونين من الأولين والآخرين مصمِّمون على دعاء غير الله، مع أنَّ الرسل أمرتهم بدعاء الله وحده، ونهتهم عن دعاء غيره.

ودعاء الله جل وعلا مفيد ونافع ومجرَّب، تشهد له الأدلة المنقولة والعقول السليمة، والفطر المستقيمة، حتى أن المشركين في حالة ضَرَّائِهِم وكربهم يدعون الله، وينسون ما يشركون؛ لعلمهم أنهم لا يستجيبون لهم الدعاء ولا ينقذونهم من الشدائد، فآلهتهم هذه التي يدعونها من دون الله لا تستطيع أن تنقذهم، فالله سبحانه وتعالى من رحمته بعباده أنه أمرهم بدعائه ليستجيب لهم، ونهاهم عن عبادة غيره؛ لأنها تضرهم ولا تنفعهم، ومع هذا ما زالوا مصرّين قديمًا وحديثًا على دعاء غير الله؛ لأنَّ الشيطان يُغريهم بذلك، ويزيِّن لهم ويتراءى لهم في صورة من يدعون، فيُحْضِر لهم بعض ما يطلبون، فيظنون أن أصنامهم ومعبوداتهم هي التي استجابت لهم، في حين أنَّ الشيطان هو الذي أحضر لهم ما يريدون يريد أن يهلكهم، وكيف يُعرض العبد عن ربه - سبحانه - الذي بيده ملكوت كل شيء، الذي يجيب المضطر، ويجيب الداعي، وهو على كل شيء قدير؟!!! كيف يعرض عنه إلى غيره؟!!! لولا أنَّ الفطر فسدت، وانتكست.


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (1479)، والترمذي رقم (2969)، وأحمد رقم (18391).