لكن المكان الذي أقيم عليه المنبر لا يزال هو
مكان منبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أما المنبر ورمّانته فهذا زال لما احترق
المسجد.
قوله: «قلت: ويروون
عن يحيى بن سعيد أنه حين أراد الخروج إلى العراق...» قال أبو عبد الله: إنه لا
يجوز التمسح بجـدران القبر، ولا بالشبابيك، وإنما يسلِّمون عليه من غير مَس، يقفون
ويسلِّمون عليه، ثم ينصرفون، هذا هو المشروع، وهذا الذي عليه عمل السلف الصالح.
ونحن عندنا قاعدة في
مسألة التبرك، وهي أن ما انفصل من جسد النبي صلى الله عليه وسلم من عرق أو ريق أو
شعر فإنه يُتمسّح به ويُتبرك به، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما
لامس جسد النبي صلى الله عليه وسلم من ثوب أو عباءة أو لباس، أو ما جلس عليه ولامس
جسمه صلى الله عليه وسلم، فالمنبر جلس عليـه النبي صلى الله عليه وسلم ولامس جسمـه،
ففيـه شيء من آثاره صلى الله عليه وسلم، فهذا الذي ورد التبرك به؛ لأنه من آثاره
عليه الصلاة والسلام وقد لامسَ جسمه الشريف، ولكن المنبر قد أُزيل، فهنا وجه قول
الإمام أحمد حيث رخّص في التبرك أو التمسّح بمنبر الرسول صلى الله عليه وسلم ورمانته؛
لأنها لامست جسمه الشريف، فلو بقي على ما كانت عليه فلا بأس بذلك، عند من يراه،
لكنه غُيّر المنبر عدة مرات، وجُلب له منابر من عدّة جهات من السلاطين، فلم يبق
على أصله.
وأما التبرك بآثار الصالحين أو بشعرهم أو بريقهم، أو ما انفصل من أجسامهم، أو ما لامس أجسامهم، فهذا غير مشروع؛ لأنَّ الصحابة رضوان الله عليهم وأتباعهم من السلف الصالح لم يكونوا يتبركون