ولم يَبلُغني - إلى الساعة - عن أحدٍ من السَّلف رخصة
في ذلك إلاّ ما روى ابن أبي الدنيا في كتاب «القبور» بإسناده: عن محمد بن إسماعيل
بن أبي فديك، قال: أخبرني سليمان بن يزيد الكعبي، عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ زَارَنِي بِالْمَدِينَةِ مُحْتَسِبًا كُنْتُ لَهُ
شَفِيعًا وَشَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([1]).
قال ابن أبي فديك: وأخبرني عمر بن حفص أن ابن أبي
مليكة كان يقول: من أحبَّ أن يقوم وجاه النبي صلى الله عليه وسلم فليجعل القنديل
الذي في القبلة عند رأس القبر على رأسه.
قال ابن أبي فديك: وسمعتُ بعض من أدركت يقول: بلغنا
أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ﴾ [الأحزاب: 56]،
فقال: صلى الله عليك يا محمد، حتى يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا
فلان، ولم تسقط له حاجة.
فهذا الأثر من ابن أبي فديك قد يقال: فيه استحباب قصد
الدعاء عند القبر، ولا حجة فيه لوجوه:
أحدها: أنَّ ابن أبي فديك روى هذا عن مجهول، وذكر ذلك المجهول أنه بلاغ عمن لا يعرف، ومثل هذا لا يثبت به شيء أصلاً، وابن أبي فديك متأخر في حدود المئـة الثانية، ليس هو من التابعين ولا من تابعيهم المشهورين، حتى يقال: قد كان هذا معروفًا في القرون الثلاثة، وحسبُكَ أنَّ أهل العلم بالمدينة المعتمدين لم ينقلوا شيئًا من ذلك.
([1]) أخرجه: البيهقي في الشعب رقم (3860).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد