فالذي ينبغي في حق مثله إنما يكون ضمنًا وتبعًا استدبر
القبر.
*****
يمكن تلخيص ما ذكره المصنِّف رحمه الله بما
يلي:
أولاً: ابن زَبَالَةَ
هـذا ليس محـل ثقة، فقد تكلمـوا فيه. وذكر الحافـظ ابن حجر: أن أبا داود كان يكذِّبه،
ونقل عن البخاري قوله: عنده مناكير، وعن أحمد: أنه كان يضع الحديث.
ثانيًا: أن فِعل هذا الرجل
مخالف لفعل المئات من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم؛ لأنهم لم يكونوا يترددون
على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويطيلون الوقوف عنده، فعَمَلُ رجل واحد مخالف
لأمّة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم ليس بحُجّة، إنما هو بدعة.
ثالثًا: إقرار ربيعة له
يحتمل عدة احتمالات: أنه من باب الاجتهاد، والاجتهاد إذا حصلَ فيه خِلاف، فيؤخذ ما
قام عليه الدليل، وعمل هذا الرجل لم يقم عليه دليل فيُترك، أو أن ربيعة - وربيعة
هذا هو ربيعة بن فرّوخ شيخ الإمام مالك - كما قال الإمام أحمد: إنه قليل العلم
بالآثار، وعمل الصحابة، فلعله لم يبلغه النهي عن ذلك، وأنهم ما كانوا يقفون عند
القبر ويتحرون الدعاء عنده.
رابعًا: أن قول ربيعة رحمه الله: «لكلِّ امـرئٍ ما نوى»، يعني أن عمل هذا الرجل وإن كان خطأً، لكن يؤجر على نيتـه ومحبته للرسول صلى الله عليه وسلم، والنيـة غير العمل، فالعمل لا يُقر، أما النيـة فيؤجر عليها؛ لأنه اجتهد فأخطأ إذا لم يتعمد مخالفة الشرع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).