×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

هذا داخل في ما ذكرنا في الخلاصة، وهو أنه إذا اختلف العلماء فالمعتمد في ذلك ما كان معه الدليل، قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا[النساء: 59]، والدليل إنما يكون من الكتاب والسُّنة، وما كـان عليه الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح.

هذا الكلام تابع لما سبق من أنَّ خلاف المتأخرين إذا كان مسبوقًا بإجماع من قبلهم، فلا عبرة بهذا الخلاف، هذه ناحية.

ومن ناحية أخرى: فإنه إذا لم يُسبقوا بإجماع، واختلفوا، فإن الله جل وعلا قال: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا.

وأما ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، جعل ظهره على جدار القبر، ثم جعل يدعو متوجهًا إلى القبلة، فهذا يوافق ما سبق من أنه لا يستقبل القبر بالدعاء، وإنما يستقبل القبلة، وسبق أنَّ الإمام مالكًا قال: يستدبر القبر ويدعو متوجهًا إلى القبلة، والجمهور على أنه يجعل الحجرة عن يساره ويتوجه إلى القبلة، فصار إجماعًا أنه لا يستقبل القبر بالدعاء، وإنما يستقبل القبلة.


الشرح