×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

فأما استماع الميت للأصوات من القراءة أو غيرها، فحق، لكن الميت ما بقي يثاب بعد الموت على عمل يعمله هو بعد الموت من استماع أو غيره. وإنما ينعم أو يعذب بما كان عمله هو أو بما يُعمل عليه بعد الموت من أثره.

كما قد اختُلِفَ في تعذيبه بالنياحة عليه.

وكما يُنعّم بما يُهدى إليه، وكما يُنعّم بالدعاء له، وإهداء العبادات المالية بالإجماع.

*****

سماع الميت في قبره من أمور البرزخ، فهو غيبٌ لا نقول فيه إلا بدليل، وقد ورد الدليل من أنَّ الميت يسمع قرع نعال المشيِّعين إذا انصرفوا بعد دفنه، «إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ» ([1]) وما عدا ذلك فلا دليل صحيح يدل على أنَّ الميت يسمع، إلاّ ما أجراه الله معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم، أو معجزة للمسيح عليه السلام؛ حيث كان يكلم الموتى، ونبينا صلى الله عليه وسلم كلّم القتلى في بدر، وسمعوا كلامه عليه الصلاة والسلام، لكنهم لا يقدرون على الجواب، لما سألهم صلى الله عليه وسلم كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. أو يعذب بما كان عمله في حياته من المشاريع الفاسدة كدور الملاهي ومصانع الخمور أو المصانع التي تنتج مواد محرَّمة.

جاء في الحديث «الصحيح»: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» ([2])، واختلف العلماء في معنى هذا، فمنهم من أنكر صحة هذا الحديث، ورأى أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح أنه ثابت،


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1338)، ومسلم رقم (2870).

([2] أخرجه: البخاري رقم (1292)، ومسلم رقم (927).