وكذلك قد ذكر طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم،
ونقلوه عن أحمد، وذكروا فيه آثارًا أنَّ الميت يتألم بما يُفعل عنده من المعاصي.
فقد يقال أيضًا: إنه يتنعّم بما يسمعه من القراءة
والذكر، وهذا - لو صحَّ - لم يوجب استحباب القراءة عنده.
فإنَّ ذلك لو كان مشروعًا لبينه رسول الله صلى الله
عليه وسلم لأمته.
وذلك لأنَّ هذا - وإن كان من نوع مصلحة - ففيه مفسدة
راجحة، كما في الصلاة عنده، وتنعّم الميت بالدعاء له والاستغفار والصدقة عنه، وغير
ذلك من العبادات يحصل له به من النفع أعظم من ذلك، وهو مشروع ولا مفسدة فيه. ولهذا
لم يقل أحد من العلماء بأنه يستحب قصد القبر دائمًا للقراءة عنده؛ إذ قد عُلِم
بالاضطرار من دين الإسلام أن ذلك ليس مما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته.
*****
الميت يتألم بما يُفعل عنده من المعاصي، ولا
يرضى بها، إذن هؤلاء الذين يأتون عند القبور وينوحون، ويشركون بالله، ويستغيثون
بالأموات، يُسبِّبون ألمًا للميت، خصوصًا إذا كان هذا الميت من الأنبياء أو من
أولياء الله الصالحين.
قوله: «فقد يقال أيضًا إنه يتنعم بما يسمعه من القراءة...» هذا قياس، والعبادات ليس فيها قياس، وليست محلًّا للاجتهاد، وإنما يتبع فيها ما جاء به الدليل، ولم يأتِ دليل على القراءة على الميت، أو إسماعه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد