×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

 فيكون منطبقًا عليهم قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ [القرة: 165]، فهم يدخلون تحت عموم الآية، فإن من أحب القبر، ولم يحب المسجد الحرام، أو أحب المسجد الحرام وأحب معه القبر، فإنه يكونُ له نصيب من هذه الآية.

قوله: «بل حرمة ذلك المسجد المبني على القبر الذي حرمه الله ورسوله أعظم...»؛ لأنهم يحترمون هذه القبور ويعظّمونها أكثر مما يحترمون المساجد المبنية على طاعة الله سبحانه وتعالى والعكس هو الواجب؛ لأنَّ الله جل وعلا قال: ﴿لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ [التوبة: 108] فالأصل أنَّ المسلم يتعلّق قلبه بالمساجد، ومن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة: «رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّق بِالمَسَاجِد» ([1])، والله جل وعلا قال: ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ [التوبة: 18]، وقال - سبحانه -: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦ رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ[النور: 36- 37]، فالمساجد هي محل العبادة، وهي محل الطاعة، وهي محل الاعتكاف، وهي محل الصلاة، أما القبور فإنما تزار لأمرين: للاعتبار، وللسلام والدعاء للميت فقط.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (660)، ومسلم رقم (1031).