أجل التشريع لمن بعدهم فإنه يقصد، فتقصد هذه
البقاع التي قصدوها لأجل التشريع، والاقتداء بهم فيها، فإنها أماكن مباركة.
وأما ما فعلوه
اتفاقًا، من غير قصد، بأن أدركتهم الصلاة فصلوا في هذا المكان، أو أرادوا أن
يستريحوا فاستراحوا في هذا المكان من غير قصد وإنما هو اتفاق، فهذه لا تُقصد من
بعدهم، لا تتخذ مكانًا للعبادة، فإن ذلك يكون من البدع؛ لأنهم لم يشرعوا لنا ذلك،
وإنما فعلوا هذا اتفاقًا فقط.
ومن ذلك ذهابه إلى
غار حراء ابتعادًا عن الشرك وأهله وذهابه إلى غار ثور للاختفاء فيه عن المشركين،
ولم يقصد الغارين للعبادة، وإنما قصدهما للحاجة العارضة التي زالت في وقتها، وقِس
على ذلك كل الأمكنة التي لم يقصدها للعبادة بل للحاجة العارضة.
بعضهم يرى التسامح في هذا، من باب الاتباع لا من باب التبرك وأنه ما دام أنّ النبي صلى الله عليه وسلم جلس في هذا المكان أو صلى فيه، فإنه لا بأس بقصده، اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يتمثل بفعل ابن عمر رضي الله عنهما، وهذا في الحقيقة إنما فعله ابن عمر رضي الله عنهما من باب الاتباع، لا من باب التبرك بهذا المكان، ولكن مع هذا، هذا غير مشروع في الحقيقة؛ لأن الصحابة ومن هم أكبر من ابن عمر رضي الله عنهما وأفضل منه ما كانوا يفعلون هذا الشيء ولا يقصدونه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد