وأما ما كرهه فقد روى سعيد بن منصور في «سننه»: حدثنا
أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن معرور بن سويد، عن عمر رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَهُ
فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَقَرَأَ بِنَا في الْفَجْر: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ﴾[الفيل: 1] و ﴿لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ﴾[قريش: 1] فِي
الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ حَجَّتِهِ رَأَى النَّاسُ ابْتَدَرُوا
الْمَسْجِد فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَكَذَا هَلَكَ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَكُمْ،
اتَّخَذُوا آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ بِيَعًا، مَنْ عَرَضَتْ لَهُ مِنْكُمْ
الصَّلاَةُ فِيهِ فَلْيُصَلِّ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ الصَّلاَةُ فَلْيَمْضِ ([1]).
فقد كره عمر رضي الله عنه اتخاذ مصلى النبي صلى الله
عليه وسلم عيدًا، وبيّن أنَّ أهل الكتاب إنما هلكوا بمثل هذا.
وفي رواية عنه: أنه رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ
مَذَاهِبَ، فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤُلاَءِ؟ فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهُم يُصَلُّونَ فِيهِ،
فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِمِثْلِ هَذِه، كَانوا
يَتَتَبَّعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ وَيَتَّخِذُونَهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا،
فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ فَلْيُصَلِّ، وَمَنْ لاَ
فَلْيَمْضِ، وَلاَ يَعْتَمِدْهَا ([2]).
وروى محمد بن وضّاح وغيره أنَّ عمر بن الخطاب أَمَرَ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَطَعَهَا؛ لأَِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَذْهَبُونَ فَيُصَلُّونَ تَحْتَهَا،
([1]) أخرجه: ابن وضاح في البدع رقم (100).