×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وأما ما كرهه فقد روى سعيد بن منصور في «سننه»: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن معرور بن سويد، عن عمر رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَهُ فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَقَرَأَ بِنَا في الْفَجْر: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ﴾[الفيل: 1] و ﴿لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ﴾[قريش: 1] فِي الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ حَجَّتِهِ رَأَى النَّاسُ ابْتَدَرُوا الْمَسْجِد فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَكَذَا هَلَكَ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَكُمْ، اتَّخَذُوا آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ بِيَعًا، مَنْ عَرَضَتْ لَهُ مِنْكُمْ الصَّلاَةُ فِيهِ فَلْيُصَلِّ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ الصَّلاَةُ فَلْيَمْضِ ([1]).

فقد كره عمر رضي الله عنه اتخاذ مصلى النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا، وبيّن أنَّ أهل الكتاب إنما هلكوا بمثل هذا.

وفي رواية عنه: أنه رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ مَذَاهِبَ، فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤُلاَءِ؟ فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهُم يُصَلُّونَ فِيهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِمِثْلِ هَذِه، كَانوا يَتَتَبَّعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ وَيَتَّخِذُونَهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ فَلْيُصَلِّ، وَمَنْ لاَ فَلْيَمْضِ، وَلاَ يَعْتَمِدْهَا ([2]).

وروى محمد بن وضّاح وغيره أنَّ عمر بن الخطاب أَمَرَ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَطَعَهَا؛ لأَِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَذْهَبُونَ فَيُصَلُّونَ تَحْتَهَا،


الشرح

([1] أخرجه: ابن وضاح في البدع رقم (100).

([2] أخرجه: ابن وضاح في البدع رقم (102).